وأمّا الذي قبله ، فلا ينبغي أن يُذكر في الأقاويل ، لأنّه قولٌ بلا دليل ، ولذا لم يعبأ به أهل التفسير والتأويل.
وأمّا القول بأنّ المراد هو « التقرّب » فقد حكي عن الحسن البصري (١) وظاهر العيني اختياره له (٢). واستدلّ له في ( فتح الباري ) بما أخرجه أحمد من طريق مجاهد عن ابن عبّاس أيضاً : إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : « قل لا أسألكم عليه أجرا على ما جئتكم به من البيّنات والهدى إلاّ أن تقرّبوا إلى الله بطاعته ».
لكن قال ابن حجر : « وفي إسناده ضعف » (٣).
وهو مردود أيضاً بأنّه خلاف المتبادر من الآية ، وأنّ النصوص على خلافه ... وهو خلاف الذوق السليم.
وأمّا القول الأوّل من هذه الأقوال ، فهو الذي اقتصر عليه ابن تيميّة ، فلم يذكر غيره ، واختاره ابن حجر ، ورجّحه الشوكاني ... والدليل عليه ما أخرجه أحمد والشيخان وغيرهم ، عن طاووس عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس ، وقد تقدّم في أوّل أخبار المسألة.
ويقع الكلام على هذا الخبر في جهتين :
فإنّ مدار الخبر على « شعبة بن الحجّاج » وقد كان هذا الرجل ممّن يكذب ويضع على أهل البيت ، فقد ذكر الشريف المرتضى رحمهالله (٤) أنّه روى
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٧ / ١٦٥ ، فتح الباري ٨ / ٤٥٨ وغيرهما.
(٢) عمدة القاري ١٩ / ١٥٧.
(٣) فتح الباري بشرح صحيح البخاري ٨ / ٤٥٨.
(٤) الشافي في الإمامة ٤ / ١١٦.