بيانه : أنّه لو تخلّى صاحب الدين من السداد ما كان أهلاً للرئاسة ، وهو منع أن ينالها أحد إلاّبالدين ، والإستثناء من النفي إثبات حاضر في غير ذلك من صفات ، ذكرتها في كتابي المسمّى « بالاداب الحكمية » متكثّرة جدّاً ، ومنها ما هو ضروري ، ومنها ما هو دون ذلك.
ومن بغي عدوّ الإسلام أن يأتي متلفّظاً بما تلفّظ به ، وأمير المؤمنين عليهالسلام الخصم ، وتيجان شرفه المصادمة ، ومجد سؤدده المدفوع ، إذ هو صاحب الدين ، وبه قام عموده ، ورست قواعده ، وبه نهض قاعده ، وأفرغت على جيد الإسلام قلائده.
وأقول بعد هذا : إنّ للنسب أثراً في الرئاسة قويّاً.
بيانه : أنّه إذا تقدّم على أرباب الشرف النسبي مَن لا يدانيهم ، وقادهم من لا يقاربهم ولا يضاهيهم ، كانوا بالأخلق عنه نافرين آنفين ، بل إذا تقدّم على أهل الرئيس الفائت غير عصبته ، وقادهم غير القريب الأدنى من لحمته ، كانوا بالأخلق عنه حائدين متباعدين ، وله قالين ، وذلك مظنّة الفساد في الدين والدنيا ، وقد ينخرم هذا اتّفاقاً ، لكنّ المناط الظاهر هو ما إليه أشرت ، وعليه عوّلت.
وأقول : إنّ القرآن المجيد لمّا تضمّن العناية بالأقربين من ذرّيّة رسول الله صلّى الله عليهم ومواددتهم ، كان ذلك مادّة تقديمهم مع الأهليّة التي لا يرجح غيرهم عليهم فيها ، فكيف إذا كان المتقدّم عليهم لا يناسبهم فيها ولا يدانيها؟!
قال الثعلبي بعد قوله تعالى : ( قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى ) بعد أن حكى شيئاً ثمّ قال : فأخبرني الحسين بن محمّد ، [ قال : ] حدّثنا برهان بن علي الصوفي ، [ قال : ] حدّثنا حرب بن الحسن الطحان ، [ قال : ] حدّثنا حسين الأشقر ، عن قيس ، عن الأعمش ، عن سعيد ابن جبير ،