له من السبّ ، كأنّه يقول : هل امتنعت تورّعاً أو خوفاً أو غير ذلك؟! فإنْ كان تورّعاً وإجلالاً له عن السبّ فأنت مصيب محسن ، وإن كان غير ذلك فله جواب آخر.
ولعلّ سعداً قد كان في طائفةٍ يسبّون فلم يسبّ معهم ، وعجز عن الإنكار ، وأنكّر عليهم فسأله هذا السؤال.
قالوا : ويحتمل تأويلاً آخر ، أنّ معناه : ما منعك أن تُخَطّئه في رأيه واجتهاده ، وتظهر للناس حسن رأينا واجتهادنا وأنّه أخطأ؟ ». إنتهى (١).
ونقله المباركفوري بشرح الحديث (٢).
أقول :
وهل ترتضي ـ أيّها القارئ ـ هذا الكلام في مثل هذا المقام؟!
أوّلاً : إن كان هناك مجالٌ لحمل كلام المتكلّم على الصحّة وتأويله على وجه مقبول ، فهذا لا يختصّ بكلام الصحابي دون غيره.
وثانياً : إذا كانت هذه قاعدة يجب اتّباعها بالنسبة إلى أقوال الصحابة ، فلماذا لا يطبّقونها بالنسبة لكلّ الصحابة؟!
وثالثاً : إذا كانت هذه القاعدة للأحاديث الواردة التي في ظاهرها دخل على صحابي! فلماذا يطبّقونها في الأحاديث الواردة في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام ، فلم يأخذوا بظواهرها ، بل أعرضوا عن النصوص منها؟! ومنها حديث المباهلة ، حيث لا تأويل فحسب ، بل التعتيم والتحريف ، كما سنرى في الفصل الآتي.
__________________
(١) المنهاج ـ شرح صحيح مسلم بن الحجّاج ـ ١٥ / ١٧٥.
(٢) تحفة الأحوذي ـ شرح جامع الترمذي ـ ١٠ / ١٥٦.