ورابعاً : إنّ التأويل والحمل على الصحّة إنّما يكون حيث يمكن ، وقولهم : « ليس فيه تصريح بأنّه أمر سعداً بسبه ، وإنّما سأله » كذبٌ ، فقد تقدّم في بعض النصوص التصريح بـ « الأمر » و « النيل » و « التنقيص » وهذا كلّه مع تهذيب العبارة ، كما لا يخفى.
بل ذكر ابن تيميّة : أنّ معاوية أمر بسبّ علي (١).
بل جاءت الرواية عن مسلم والترمذي على واقعها ، ففي رواية القندوزي الحنفي عنهما ، قال : « وعن سهل بن سعد ، عن أبيه ، قال : أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً أنْ يسبّ أبا التراب ، قال : أمّا ما ذكرتُ ثلاثاً ... أخرجه مسلم والترمذي » (٢).
وخامساً : قولهم : « كأنّه يقول ... فإنْ كان تورّعاً ... فأنت مصيب محسن » يكذّبه ما جاء التصريح به في بعض ألفاظ الخبر من أنّ سعداً خرج من مجلس معاوية غضبانَ وحلف ألاّ يعود إليه!!
وعلى كل حال ... فهذا نموذج من تلاعبهم بخبر مساوئ أسيادهم ، لإخفائها ، وسترى ـ في الفصل اللاّحق ـ نموذجَ تلاعبهم بفضائل عليّ عليهالسلام ، لإخفائها ، وهذا دين القوم وديدنهم ، حشرهم الله مع الّذين يدافعون عنهم ويودّونهم!!
* وروى ابن شبّة ، المتوفّى سنة ٢٦٢ ، قال : « حدّثنا الحزامي ، قال : حدّثنا ابن وهب ، قال : أخبرني الليث بن سعد ، عن من حدثه ، قال : جاء راهبا نجران إلى النبيّ صلى الله عليه وسلّم يعرض عليهما الإسلام ... قال : فدعاهما النبيّ إلى المباهلة وأخذ بيد عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ،
__________________
(١) منهاج السنة ٥ / ٤٢.
(٢) ينابيع المودّة ١٩٣.