ودعا فاطمة فكانت ـ في هذا الموضع ـ نساءه ، ودعا أمير المؤمنين فكان نفسه بحكم الله عزّوجلّ.
وقد ثبت أنّه ليس أحد من خلق الله سبحانه أجلّ من رسول الله صلى عليه وآله وسلّم وأفضل ، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله صلى عليه وسلّم بحكم الله عزّوجلّ.
قال : فقال له المأمون : أليس قد ذكر الله الأبناء بلفظ الجمع ، وإنّما دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ابنيه خاصّة ، وذكر النساء بلفظ الجمع ، وإنّما دعا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ابنته وحدها ، فلِمَ لا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه وبكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره ، فلا يكون لأمير المؤمنين عليهالسلام ما ذكرت من الفضل؟!
قال : فقال له الرضا عليهالسلام : ليس بصحيح ما ذكرت ـ يا أمير المؤمنين ـ وذلك أنّ الداعي إنّما يكون داعياً لغيره ، كما يكون الآمر آمراً لغيره ، ولا يصح أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة ، كما لا يكون آمراً لها في الحقيقة ، وإذا لم يدعُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رجلاً في المباهلة إلاّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقد ثبت أنّه نفسه التي عناها تعالى في كتابه ، وجعل حكمه ذلك في تنزيله.
قال : فقال المأمون : إذا ورد الجواب سقط السؤال » (١).
* وقال الشيخ المفيد ـ بعد أن ذكر القصّة ـ : « وفي قصّة أهل نجران بيانٌ عن فضل أمير المؤمنين عليهالسلام ، مع ما فيه من الآية للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمعجز الدالّ على نبوّته.
ألا ترى إلى اعتراف النصارى له بالنبوّة ، وقطعه عليهالسلام على
__________________
(١) الفصول المختارة من العيون والمحاسن : ٣٨.