امتناعهم من المباهلة ، وعِلمهم بأنّهم لو باهلوه لحلّ بهم العذاب ، وثقته عليه وآله السلام بالظفر بهم والفلج بالحجّة عليهم ، وأنّ الله تعالى حكم في آية المباهلة لأمير المؤمنين عليهالسلام بأنّه نفس رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كاشفاً بذلك عن بلوغه نهاية الفضل ، ومساواته للنبيّ عليه وآله السلام في الكمال والعصمة من الآثام ، وأنّ الله جلّ ذكره جعله وزوجته وولديه ـ مع تقارب سنّهما ـ حجّة لنبيّه عليه وآله السلام وبرهاناً على دينه ، ونصّ على الحكم بأنّ الحسن والحسين أبناؤه ، وأنّ فاطمة عليهاالسلام نساؤه المتوجّه إليهنّ الذِكر والخطاب في الدعاء إلى المباهلة والاحتجاج؟!
وهذا فضل لم يشركهم فيه أحد من الأُمّة ، ولا قاربهم فيه ولا ماثلهم في معناه ، وهو لاحق بما تقدّم من مناقب أمير المؤمنين عليهالسلام الخاصّة به ، على ما ذكرناه » (١).
* وهكذا استدلّ الشريف المرتضى ، حيث قال : « لا شبهة في دلالة آية المباهلة على فضل من دُعي إليها وجعل حضوره حجّة على المخالفين ، واقتضائها تقدّمه على غيره ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يجوز أنْ يدعو إلى ذلك المقام ليكون حجّة فيه إلاّمن هو في غاية الفضل وعلو المنزلة.
وقد تظاهرت الرواية بحديث المباهلة ، وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وسلّم دعا إليها أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام ، وأجمع أهل النقل وأهل التفسير على ذلك ...
ونحن نعلم أنّ قوله ( وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) لا يجوز أن يعني بالمدعو فيه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لأنّه هو الدّاعي ، ولا يجوز أن يدعو الإنسان نفسه ، وإنّما يصحّ أن يدعو غيره ، كما لا يجوز أنْ يأمر نفسه وينهاها ،
__________________
(١) الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد ١ / ١٦٩.