أحدها : إنّه لمّا أُسري به ، جُمع له الأنبياء فصلّى بهم ، ثمّ قال له جبريل : ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ .. ) الآية .. فقال : لا أسأل ، قد اكتفيت ..
رواه عطاء عن ابن عبّاس ، وهذا قول سعيد بن جبير ، والزهري ، وابن زيد ، قالوا : جمع له الرسل ليلة أُسري به فلقيهم ، وأُمر أن يسألهم ، فما شكّ ولا سأل.
والثاني : إنّ المراد : اسأل مؤمني أهل الكتاب من الّذين أُرسلت إليهم الأنبياء ..
روي عن ابن عبّاس ، والحسن ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحّاك ، والسدّي ، في آخرين. قال ابن الأنباري : والمعنى : سل أتباع من أرسلنا قبلك ، كما تقول : السخاء حاتم ، أي : سخاء حاتم ، والشعر زهير. أي : شعر زهير. وعند المفسّرين إنّه لم يسأل على القولين. وقال الزجّاج : هذا سؤال تقرير ، فإذا سأل جميع الأُمم لم يأتوا بأنّ في كتبهم : أن اعبدوا غيري.
والثالث : إنّ المراد بخطاب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : خطاب أُمّته ، فيكون المعنى : سلوا. قاله الزجّاج ».
هذا تمام ما ذكره ابن الجوزي (١).
أقول :
فهذه ثلاثة أجوبة ـ وتجدها في التفاسير الأُخرى أيضاً ـ أُولاها حملٌ على ظاهر الآية ؛ فهو جواب على الحقيقة ، والتاليان حملٌ على خلاف الظاهر ، فهما جوابان على المجاز .. ولعلّ المختار عند ابن الجوزي ـ بقرينة التقديم في الذِكر ـ هو الأوّل. واختار الآلوسي الجواب الثاني كما سيأتي ،
__________________
(١) زاد المسير ٧ / ١٣٨ ـ ١٣٩.