وعندهم أجوبةٌ أُخرى على المجاز ، وهي باختصار :
١ ـ إنّ الخطاب للنبيّ ، والسؤال مَجاز عن النظر في أديانهم : هل جاءت عبادة الأوثان قطّ في مِلّةٍ من ملل الأنبياء؟! (١) وهو الذي اختاره الزمخشري ، وتبعه بعضهم كالنسفي ، ثمّ قال الزمخشري : « وكفاه نظراً وفحصاً نظره في كتاب الله المعجز المصدّق لِما بين يديه ، وإخبار الله فيه بأنّهم يعبدون من دون الله ما لم ينزّل به سلطاناً ، وهذه الآية في نفسها كافية لا حاجة إلى غيرها » (٢).
أقول : فلمَ أُمرَ بالسؤال؟!
٢ ـ إنّ الخطاب ليس للنبيّ ، بل هو للسامع الذي يريد أن يفحص عن الديانات ، فقيل له : اسأل أيّها الناظر أتباع الرسل ، أجاءت رسلهم بعبادة غير الله؟! فإنّهم خبرونك أنّ ذلك لم يقع ، ولا يمكن أن يأتوا به ، واختاره أبو حيّان الأندلسي (٣).
أقول كما قال الآلوسي فيه : ولعمري إنّه خلاف الظاهر جدّاً.
٣ ـ إنّ الخطاب للنبيّ ، والسؤال على الحقيقة ، لكنّ المسؤول هو الله تعالى ، فالمعنى : واسألنا عن من أرسلنا ...
نقله أبو حيّان عن بعضهم واستبعده.
وقال الآلوسي : « وممّا يقضى منه العجب ما قيل ... » ثمّ قال : « واسأل من قرأ أبا جاد ، أيرضى بهذا الكلام ويستحسن تفسير كلام الله تعالى المجيد بذلك؟! ».
أقول : لا يرضى به قطعاً.
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٧ / ٢١٦ ، البحر المحيط ٩ / ٣٧٧ ، روح المعاني ٢٥ / ٨٦.
(٢) الكشّاف ٤ / ٢٥٤. وانظر : تفسير النسفي ـ مدارك التنزيل ـ هامش الخازن ٤ / ١٠٦ ، فقد قال بالعبارة عينها دون ذِكر الزمخشري!
(٣) البحر المحيط ٩ / ٣٧٧.