هذه نماذج من كلمات أئمّة القوم.
ولا يخفى اضطراب القوم في تفسير الآية المباركة ، إن أبقوها على ظاهرها ، فبمَ يجيبون عن الأسئلة؟!
وإن أرادوا التخلّص من الجواب عنها ، حملوا الآية على المجاز ، وهو بابٌ واسع ، وقد رأيت كيف يردّ بعضهم على الآخر في ما اختار!
وابن كثير الدمشقي لم يلتفت إلى شيءٍ من هذه الأسئلة ، فلم يبيّن المخاطب بالآية ، ولا السؤال ، ولا المسؤول ... وإنّما قال :
« وقوله سبحانه وتعالى : ( وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا ... ) أي : جميع الرسل دعوا إلى ما دعوت الناس إليه ، من عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهوا عن عبادة الأصنام والأنداد ، كقوله جلّت عظمته : ( وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) (١).
فهكذا فسر الآية ليكون في فسحةٍ من المشكلة وطلباً للراحة منها ، ثمّ ذكر القولين الآتيين.
وبعد ...
فالمهمّ من هذه الأقوال كلّها قولان ، ولذا لم يذكر غير واحدٍ منهم ـ كابن كثير والشوكاني ـ غيرهما :
أحدهما : إنّ المراد سؤاله الأنبياء ، لمّا أُسري به عند ملاقاته لهم ..
قالوا : وهذا قول المتقدّمين منهم ، كسعيد بن جبير ، والزهري ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، ورووا عن عطاء ، عن ابن عبّاس : « فقال : لا أسأل ، قد اكتفيت ».
والآخر : إنّ المراد سؤاله الأُمم ، والمؤمنين من أهل الكتاب ، من الّذين
__________________
(١) تفسير ابن كثير ٤ / ١١٥.