وسادساً : قوله : « وأيضاً ، لو كانت هذه الرواية صحيحة لكانت مناقضة للاية صراحة ... ».
فقد سبقه فيه ابن تيميّة إذ قال في الوجوه التي ذكرها بعد دعوى بطلان الحديث عن ابن عبّاس : « الثالث : إنّ الله يقول : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ ) (١) وقال تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ) (٢) والسابقون الأولون هم الّذين أنفقوا من قبل الفتح وقاتلوا ، الّذين هم أفضل ممن أنفق من بعد الفتح وقاتل ، ودخل فيهم أهل بيعة الرضوان ، وكانوا أكثر من ألف وأربعمائة ، فكيف يقال : إن سابق هذه الأمة واحد؟ » (٣).
أقول :
مقتضى الحديث الصحيح المتفق عليه أن سابق هذه الأمة واحد ، وهو أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهذا لا ينافي سياق الآية المباركة ، ولا الآيات الأخرى ، كالايتين المذكورتين ، ونحن أيضاً نقول ـ بمقتضى الجمع بين قوله تعالى : ( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ ... ) وقوله تعالى : ( وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) (٤) ـ أنّ كلّ من سبق غيره إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبقي من بعده على
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ١٠٠.
(٢) سورة فاطر ٣٥ : ٣٢.
(٣) منهاج السنّة ٧ / ١٥٤ ـ ١٥٥.
(٤) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.