المكّيّ ، عن كثير بن طارق ، عن زيد ، عن أبيه عليّ بن الحسين عليهماالسلام قال : سئل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : من أفصح الناس ؟ قال : المجيب المسكت عند بديهة السؤال .
٣٢ ـ نهج : قال أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام له : والناس منقوصون مدخولون إلّا من عصم الله ، سائلهم متعنّت ، ومجيبهم متكلّف ، يكاد أفضلهم رأياً يردّه عن فضل رأيه الرضاءُ والسخط ، ويكاد أصلبهم عوداً تنكاه اللّحظة وتستحيله الكلمة الواحدة .
٣٣ ـ وقال عليهالسلام : من نصب نفسه للناس إماماً فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه ، ومعلّم نفسه ومؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلّم الناس ومؤدّبهم .
٣٤ ـ وقال عليهالسلام : الفقيه كلّ الفقيه من لم يقنّط الناس من رحمة الله ، ولم يؤيسهم من روح الله ، ولم يؤمنهم من مكر الله .
٣٥ ـ وقال عليهالسلام : إنّ أوضع العلم ما وقف على اللّسان ، وأرفعه ما ظهر في الجوارح والأركان .
٣٦ ـ وقال عليهالسلام : إنّ من أحبّ عباد الله إليه عبداً أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن ، وتجلبب الخوف ، فزهر مصباح الهدى في قلبه ، وأعدّ القرى ليومه النازل به ، فقرّب على نفسه البعيد ، وهوّن الشديد ، نظر فأبصر ، وذكر فاستكثر ، وارتوى من عذب فرات سهلت له موارده ، فشرب نهلاً ، (١) وسلك سبيلاً جدداً ، قد خلع سرابيل الشهوات ، وتخلّى من الهموم إلّا همّاً واحداً انفرد به ، فخرج من صفة العمى ومشاركة أهل الهوى ، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ، ومغاليق أبواب الردى ، قد أبصر طريقه ، وسلك سبيله ، وعرف مناره ، وقطع غماره ، واستمسك من العرى بأوثقها ، ومن الحبال بأمتنها ، فهو من اليقين على مثل ضوء الشمس ، قد نصب نفسه لله سبحانه في أرفع الاُمور من إصدار كلّ وارد عليه ، وتصيير كلّ فرع إلى أصله ، مصباح ظلمات ، كشّاف عشوات ، (٤) مفتاح مبهمات ،
________________________
(١) بفتح النون والهاء .
(٢) الجدد بفتح الجيم والدال : الارض الغليظة المستوية .
(٣) وهو همّ الاخرة ، وما يطلب منه الرب تعالى ، وما يوجب سعادته أو شقاوته .
(٤) أي ظلمات .