دلت عليه الأحاديث من استحباب وضعهما على الفخذين. والإجماع غير معلوم لنا ، وخصوصا مع وجود المخالف من أكابر الفضلاء. والتمسك بأنّه فعل كثير في غاية الضعف ، لأنّ وضع اليدين على الفخذين ليس بواجب ، ولم يتناول النهي وضعهما في موضع معين ، فكان للمكلف وضعهما كيف شاء.
وتلقي أفعال الصلاة من الشرع حق ، لكن كما لم يثبت تشريع وضع اليمين على الشمال لم يثبت تحريمه ، فصار للمكلف وضعهما كيف شاء ، وعدم تشريعه لا يدل على تحريمه. والاحتياط معارض بأنّ الأوامر المطلقة بالصلاة دالة بإطلاقها على عدم المنع ، أو نقول : متى يحتاط إذا علم ضعف مستند المانع ، أم إذا لم يعلم؟ ومستند المانع هنا معلوم الضعف.
واما الرواية فظاهرها الكراهية ، لما تضمنته من التشبيه بالمجوس. وأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بمخالفتهم ليس على الوجوب ، لأنهم قد يفعلون الواجب من اعتقاد الإلهية وانه فاعل الخير ، فلا يمكن حمل الحديث على ظاهره (١).
قال : فإذن ما قاله الشيخ أبو الصلاح من الكراهية أولى ، ويؤيد ما ذكرناه انّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يأمر به الأعرابي ، وكذا رواية أبي حميد حكاية صلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢).
قال : واحتجاج العامة على شرعيته برواية وائل بن حجر ، قال : رأيت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وضع يديه على صدره إحداهما على الأخرى ، وبرواية
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٢٥٧.
وأمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في : صحيح مسلم ١ : ٢٢٢ ح ٢٦٠ ، السنن الكبرى ١ : ١٥٠.
(٢) المعتبر ٢ : ٢٥٧.
وحديث الأعرابي سيأتي في ص ٣٦٣ الهامش ٣.
ورواية أبي حميد في : سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٠ ح ٨٦٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٩٤ ح ٧٣٠ ، السنن الكبرى ٢ : ٢٤.