فيفزع
منها الولد فإذا احتبس زجره الملك زجرة اخرى فيفزع منها ، فيسقط الولد إلى الأرض باكياً فزعاً من الزجرة . أقول
: قوله : إذا أراد أن يخلق النطفة ، أي يجعلها
بشراً تاماً سوياً ، وتقييدها بقوله : التي هي مما اخذ عليها الميثاق إشارة الى ما سيجيء بيانه : ان الانسان الذي
في هذه النشأة الدنيوية وأحواله مسبوقة الوجود بنشأة اخرى سابقة عليه تجري هذه على صراط تلك ، وهي المسماة في لسان الأخبار بعالم الذر والميثاق ، فما اخذ عليه الميثاق لا بد من أن يخلق في هذه النشأة الدنيوية ، وما يخلق في هذه النشأة هو مما
اخذ عليه الميثاق من غير أن يقبل التغيير والتبديل فذلك من القضاء المحتوم . ولذلك ردّد
الكلام بينه وبين قوله : أو ما يبدو له فيه أي يبدو له البداء في تمام خلقه ، فلا يتمّ
ويعود سقطاً ، فالقسم المقابل له لا بداء فيه كما ذكرنا . وقوله ويجعلها في الرحم
، عطف على قوله : يخلق النطفة . قوله عليهالسلام
يقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة ، يمكن أن يكون قوله من فم المرأة من كلام الراوي كما يؤيّده وضع الظاهر موضع المضمر . وعلى ظاهر الحال من كونه من كلام الإمام عليهالسلام
هو من الشواهد على كون دخولهما واقتحامهما في بطن المرأة من غير سنخ دخول الجسم في الجسم ، إذ لا طريق إلى الرحم من غير الفرج إلا العروق ،
ومنها العرق الذي يدرّ منه دم الحيض فينصبّ في الرحم ، وليس هذا المنفذ بأسهل للدخول من جدران الرحم ، فللدخول من الفم سبب غير سهولة الطريق وهو ظاهر . قوله عليهالسلام
: وفيها الروح القديمة المنقولة في أصلاب الرجال وأرحام النساء ، كأنها الروح النباتية التي هي المبدء للتغذي والتنمي . قوله عليهالسلام
: فينفخان فيها روح الحيوة والبقاء ، ظاهره رجوع الضمير إلى الروح القديمة ، فروح الحيوة والبقاء منفوخة في الروح النباتية ، ولو فرض رجوعه إلى المضغة مثلاً كانت منفوخة في المضغة الحية بالروح النباتية فتصير المضغة النباتية
منفوخة فيها ، وعلى أي حال يفيد الكلام أن نفخ الروح الإنساني إنما هو نوع ترق للروح النباتية بالاشتداد ( على ما يقتضيه القول بالحركة الجوهرية ) . ( ٣ ـ الميزان ـ ٢ )