ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم « الخ » اريد به على ما تقدم : أُدعهم الى أن تحضر أنت وخاصتك من أهلك الذين يشاركونك في الدعوى والعلم ، ويحضروا بخاصتهم من أهليهم ، ثم وضع الكلام على ما يعطيه ظاهر الحال أن لرسول الله في أهله رجالاً ونساءاً وأبناءاً ولهم في أهليهم رجال ونساء وأبناء فهذا مقتضى ظاهر الحال ، وحكم الطبع والعادة فيه وفيهم ، أما واقع الأمر وحقيقته فهو أنه لم يكن له صلىاللهعليهوآلهوسلم من الرجال والنساء والبنين إلا نفس وبنت وابنان ، ولم يكن لهم إلا رجال من غير نساء ولا أبناء ، ولذلك لما أتاهم برجل وامرأة وولدين لم يجبهوه بالتلحين والتكذيب ، ولا أنهم اعتذروا عن الحضور بأنك أمرت بإحضار النساء والأبناء وليس عندنا نساء ولا أبناء ، ولا أن من قصت عليه القصة رماها بالوضع والتمويه .
ومن هنا يظهر فساد ما أورده بقوله : ثم وفد نجران الذين قالوا إن الآية نزلت فيهم لم يكن معهم نساء ولا أبناء .
ومنها : قوله : وكل ما يفهم من الآية أمر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ان يدعو المحاجين والمجادلين في عيسى من أهل الكتاب إلى الاجتماع رجالاً ونسائاً وأطفالاً ، ويجمع هو المؤمنين رجالا ونسائاً وأطفالا ، ويبتهلون إلى الله بأن يلعن الكاذب فيما يقول عن عيسى ـ إلى قوله ـ : وأنى لمن يؤمن بالله أن يرضى أن يجتمع مثل هذا الجمع من الناس المحقين والمبطلين في صعيد واحد متوجهين إلى الله تعالى في طلب لعنه وإبعاده من رحمته ؟ وأي جرأة على الله واستهزاء بقدرته وعظمته أقوى من هذا ؟
وملخصه أن الآية تدعو الفريقين إلى الاجتماع بأنفسهم ونسائهم وذراريهم في صعيد واحد ثم الابتهال بالملاعنة ، وينبغي أن يستبان ما هذا الاجتماع المدعو اليه ؟
أهو اجتماع الفريقين كافة أعني المؤمنين بأجمعهم وهم يومئذ (١) عرب ربيعة ومضر جلهم أو كلهم من اليمن والحجاز والعراق وغيرها ، والنصارى وهم أهل نجران من اليمن ونصارى الشام وسواحل البحر الابيض وأهل الروم والإفرنج والإنجليز والنمسا وغيرهم .
__________________
(١) وهو سنة تسع على ما ذكره بعض المؤرخين أو عشر على ما ذكره آخرون وإن لم يخل جميعاً عن الاشكال على ما سيجيء في البحث الروائي عن الآيات التالية لهذه الآيات .