وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ » التوبة ـ ٣١ ، إلى غير ذلك من الآيات .
وفيما حكاه القرآن عن الأنبياء السالفين كنوح وهود وصالح وإبراهيم وشعيب وموسى وعيسى عليهم السلام مما كلموا به اممهم شيء كثير من هذا القبيل كقول نوح : « قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا » نوح ـ ٢١ ، وقول هود لقومه : « أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ وَإِذَا بَطَشْتُم بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ » الشعراء ـ ١٣٠ ، وقول صالح لقومه : « وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ » الشعراء ـ ١٥١ ، وقول إبراهيم لأبيه وقومه : « مَا هَٰذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ » الأنبياء ـ ٥٤ ، وقوله تعالى لموسى وأخيه : « اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ ـ إلى أن قال ـ : فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ » طه ـ ٤٧ ، وقول عيسى لقومه : « وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ » الزخرف ـ ٦٣ ، فالدين الفطري هو الذي ينفي البغي والفساد ، وهذه المظالم والسلطات بغير الحق الهادمة لأساس السعادة والمخربة لبنيان الحق والحقيقة ، وإلى ذلك يشير قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في حجة الوداع : ( وقد ذكره المسعودي في حوادث سنة عشر من الهجرة في مروج الذهب ) « ألا وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض » وكأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يريد به رجوع الناس إلى حكم الفطرة باستقرار سيرة الإسلام بينهم .
والكلام أعني قوله تعالى : أن لا نعبد إلا الله « الخ » ، على كونه آخذاً بمجامع غرض النبوة مفصح عن سبب الحكم وملاكه .
أما قوله : أن لا نعبد إلا الله ولا
نشرك به شيئاً ، فلأن الالوهية هي التي يأله اليه ويتوله فيه كل شيء من كل وجه ، وهو أن يكون منشئاً لكل كمال في الأشياء على كثرتها وارتباطها واتحادها في الحاجة ، وفيه كل كمال يفتاق اليه الأشياء ، وهذا
المعنى لا يستقيم إلا إذا كان واحداً غير كثير ، ومالكاً اليه تدبير كل شيء ، فمن الواجب أن يعبد الله لأنه إله واحد لا شريك له ، ومن الواجب أن لا يتخذ له شريك في عبادته ، وبعبارة اخرى ، هذا العالم وجميع ما يحتوي عليه لا يصح ولا يجوز أن يخضع ويتصغر إلا لمقام واحد إذ هؤلاء المربوبون لوحدة نظامهم وارتباط وجودهم لا