والعلانية كلام منهم لا يستوي على تعقل صحيح ، وليس جواباً لمكان الواو في قوله : أو لا يعلمون .
وعلى ما مر من المعنى فقوله تعالى : ولا تؤمنوا معناه ، لا تثقوا ولا تصدقوا لهم الوثاقة وحفظ السر على حد قوله تعالى : « وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ » البرائة ـ ٦١ ، والمراد بقوله : لمن تبع ، اليهود .
والمراد بالجملة النهي عن إفشاء ما كان عندهم من حقية تحويل القبلة إلى الكعبة كما مر في قوله تعالى : « فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ـ إلى أن قال : وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ـ إلى أن قال : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ » البقرة ـ ١٤٦ .
وفي معنى الآية أقوال شتى دائرة بين المفسرين كقول بعضهم : إن قوله تعالى : ولا تؤمنوا إلى آخر الآية كلام لله تعالى لا لليهود ، وخطاب الجمع في قوله : ولا تؤمنوا وقوله : ما اوتيتم أو محاجوكم عند ربكم جميعاً للمؤمنين ، وخطاب الإفراد في قوله : قل ، في الموضعين للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقول آخرين بمثله إلا أن خطاب الجمع في قوله : اوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ، لليهود في الكلام عتاب وتقريع . وقول آخرين إن قوله : ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم من كلام اليهود ، وقوله : قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد « إلخ » كلام لله تعالى جواباً عما قالته اليهود ، وكذا الخلاف في معنى الفضل أن المراد به الدين أو النعمة الدنيوية أو الغلبة أو غير ذلك .
وهذه الأقوال على كثرتها بعيدة عما يعطيه السياق كما قدمنا الإشارة اليه ولذا لم نشتغل بها فضل اشتغال .
قوله تعالى : قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ، الفضل هو الزائد عن الاقتصاد ، ويستعمل في المحمود كما أن الفضول يستعمل في المذموم ، قال الراغب : وكل عطية لا تلزم من يعطي يقال لها فضل نحو قوله : واسألوا الله من فضله ـ ذلك فضل الله ـ ذو الفضل العظيم ، وعلى هذا قوله : قل بفضل الله ـ ولولا فضل الله انتهى .
وعلى هذا فقوله : إن الفضل بيد الله ، من
قبيل الإيجاز بالقناعة بكبرى البيان