ويقرب من ذلك : ما ورد من لفظ التأويل في عدة مواضع من قصه يوسف عليهالسلام كقوله تعالى : « إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ » يوسف ـ ٤ ، وقوله تعالى : وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَا أَبَتِ هَٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا » يوسف ـ ١٠٠ ، فرجوع ما رآه من الرؤيا إلى سجود أبويه وإخوته له وإن كان رجوعاً لكنه من قبيل رجوع المثال إلى الممثل ، وكذا قوله تعالى : « وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ ، يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ ، قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ ، وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا إلى أن قال : قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّا تُحْصِنُونَ » يوسف ـ ٤٨ .
وكذا قوله تعالى : « وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا ، وَقَالَ الْآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ إلى ان قال : يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ » يوسف ـ ٤١ .
وكذا قوله تعالى : « وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ » يوسف ـ ٦ ، وقوله تعالى : « وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ » يوسف ـ ٢١ ، وقوله تعالى : « وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ » يوسف ـ ١٠١ ، فقد استعمل التأويل في جميع هذه الموارد من قصة يوسف عليهالسلام فيما يرجع إليه الرؤيا من الحوادث ، وهو الذي كان يراه النائم فيما يناسبه من الصورة والمثال ، فنسبة التأويل إلى ذي التأويل نسبة المعنى إلى صورته التي يظهر بها ، والحقيقة المتمثلة إلى مثالها الذي تتمثل به ، كما كان الأمر يجري هذا المجرى فيما أوردناه من الآيات في قصة موسى والخضر عليهما السلام : وكذا في قوله تعالى : « وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ إلى قوله : وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا » اسرى ـ ٣٥ .
والتدبر في آيات القيامة يعطي أن المراد
هو ذلك أيضاً في لفظة التأويل في قوله تعالى : بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله الآية ، وقوله تعالى : « هَلْ يَنظُرُونَ