أمرني فأنزل الله في ذلك من قولهما : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ـ إلى قوله ـ : بعد إذ أنتم مسلمون ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه إذا هو جائهم ، وإقرارهم به على أنفسهم ، فقال : وإذ أخذ الله ميثاق النبيين ـ الى قوله ـ : من الشاهدين .
اقول : الآيات أعني قوله : ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة إلى آخر الآيات أوفق سياقاً وأسهل انطباقاً عيسى بن مريم عليهالسلام منه برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما سيجيء في الكلام على الآيات فلعل ما في الرواية من نزول الآيات في حق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم استنباط وتطبيق من ابن عباس ، على ان المعهود من دأب القرآن التعرض لهذا النوع من القول في صورة السؤال والجواب أو الحكاية والرد .
وفي تفسير الخازن روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ورواه محمد بن اسحاق عن ابن شهاب بإسناده حديث هجرة الحبشة ، قال : لما هاجر جعفر بن أبي طالب واناس من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى أرض الحبشة واستقرت بهم الدار ، وهاجر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الى المدينة ، وكان من أمر بدر ما كان اجتمعت قريش في دار الندوة ، وقالوا إن لنا في الذين عند النجاشي من أصحاب محمد ثأراً ممن قتل منكم ببدر فأجمعوا مالا وأهدوه إلى النجاشي لعله يدفع اليكم من عنده من قومكم ، ولينتدب اليه رجلان من ذوي رأيكم .
فبعثوا عمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط معهم الهدايا : الإدم وغيره فركبا البحر حتى أتيا الحبشة فلما دخلا على النجاشي سجدا له وسلما عليه ، وقالا له إن قومنا لك ناصحون شاكرون ، ولأصحابك محبون ، وأنهم بعثونا اليك لنحذر هؤلاء الذين قدموا عليك لأنهم قوم رجل كذاب ، خرج يزعم أنه رسول الله ، ولم يتابعه أحد منا إلا السفهاء ، وإنا كنا قد ضيقنا عليهم الأمر ، وألجأناهم إلى شعب بأرضنا لا يدخل عليهم أحد فقتلهم الجوع والعطش فلما اشتد عليه الأمر بعث اليك ابن عمه ليفسد عليك دينك وملكك ورعيتك فاحذرهم وادفعهم الينا لنكفيكم ، قال : وآية ذلك أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك ، ولا يحيونك بالتحية التي يحييك بها الناس رغبة عن دينك وسنتك .
قال : فدعاهم النجاشي فلما حضروا صاح جعفر
بالباب : يستأذن عليك حزب