آمن بي ومن كفر به فقد كفر بي فقال النجاشي لجعفر ماذا يقول لكم هذا الرجل ؟ وما يأمركم به ؟ وما ينهاكم عنه ؟ فقال يقرأ علينا كتاب الله ، ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر ، ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الرحم وبر اليتيم ، يأمرنا أن نعبد الله وحده لا شريك له ، فقال له : اقرأ علي مما يقرأ عليكم فقرأ عليه سورة العنكبوت والروم ففاضت عينا النجاشي وأصحابه من الدمع ، وقالوا : زدنا من هذا الحديث الطيب فقرأ عليهم سورة الكهف فأراد عمرو أن يغضب النجاشي فقال إنهم يشتمون عيسى وامه فقال النجاشي : فما تقولون في عيسى وامه ؟ فقرأ عليهم سورة مريم فلما أتى على ذكر مريم وعيسى رفع النجاشي من سواكه قدر ما يقذي العين ، وقال : والله ما زاد المسيح على ما تقولون هذا ، ثم أقبل على جعفر وأصحابه فقال اذهبوا فأنتم سيوم بأرضي يقول : آمنون من سبكم وأذاكم غرم . ثم قال : ابشروا ولا تخافوا فلا دهورة اليوم على حزب إبراهيم فقال عمرو يا نجاشي ومن حزب إبراهيم ؟ قال : هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاءوا من عنده ومن اتبعهم فأنكر ذلك المشركون وادعوا دين إبراهيم ثم رد النجاشي على عمرو وصاحبه المال الذي حملوه وقال : إنما هديتكم إلى رشوة فاقبضوها فإن الله ملكني ولم يأخذ مني رشوة ، قال جعفر : فانصرفنا فكنا في خير جوار ، وأنزل الله عز وجل في ذلك على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في خصومتهم في إبراهيم وهو في المدينة : إن اولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين .
اقول : وهذه القصة مروية من طرق اخرى ومن طرق أهل البيت عليهم السلام وإنما نقلناها على طولها لاشتمالها على فوائد هامة في بلاء المسلمين من المهاجرين الأولين ، وليست من سبب النزول في شيء .
وفي تفسير العياشي عن الصادق عليهالسلام في قوله تعالى : ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ، قال : قال أمير المؤمنين لا يهودياً يصلي إلى المغرب ، ولا نصرانياً يصلي إلى المشرق لكن كان حنيفاً مسلماً على دين محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم .
اقول
: قد تقدم في البيان السابق معنى كونه على
دين محمد صلى الله عليهما وآلهما ، وقد اعتبر في الرواية استقبال الكعبة وقد حولت القبلة اليها في المدينة والكعبة في
نقطة جنوبها تقريباً ، وتأبى اليهود والنصارى عن قبولها أوجب لهم الانحراف عنها إلى