أَحَدِهِم مِّلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَىٰ بِهِ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ ـ ٩١ .
( بيان )
الآيات ممكنة الارتباط بما تقدمها من الكلام على أهل الكتاب وإن كان يمكن أن تستقل بنفسها وتنفصل عما تقدمها ؛ وهو ظاهر .
قوله تعالى : كيف يهدي الله قوماً كفروا بعد إيمانهم ، الاستفهام يفيد الاستبعاد والإنكار ، والمراد به استحالة الهداية ، وقد ختم الآية بقوله : والله لا يهدي القوم الظالمين ، وقد مر في نظير هذه الجملة أن الوصف مشعر بالعلية أي لا يهديهم مع وجود هذا الوصف فيهم ، وذلك لا ينافي هدايته لهم على تقدير رجوعهم وتوبتهم منه .
وأما قوله : وشهدوا أن الرسول حق ، فإن كان المراد بهم أهل الكتاب فشهادتهم هو مشاهدتهم أن آيات النبوة التي عندهم منطبقة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كما يفيده قوله : وجائهم البينات ، وإن كان المراد بهم أهل الردة من المسلمين فشهادتهم هي إقرارهم بالرسالة لا إقراراً صورياً مبنياً على الجهالة والحمية ونحوهما بل إقراراً مستنداً إلى ظهور الأمر كما يفيده قوله : وجائهم البينات .
وكيف كان الأمر فانضمام قوله : وشهدوا « الخ » الى أول الكلام يفيد أن المراد بالكفر هو الكفر بعد ظهور الحق وتمام الحجة فيكون كفراً عن عناد مع الحق ولجاج مع أهله وهو البغي بغير الحق والظلم الذي لا يهتدي صاحبه إلى النجاة والفلاح .
وقد قيل في قوله : وشهدوا « الخ » إنه معطوف على قوله : إيمانهم لما فيه من معنى الفعل ، والتقدير : كفروا بعد أن آمنوا وشهدوا « الخ » أو أن الواو للحال ؛ والجملة حالية بتقدير « قد » .
قوله تعالى : اولئك جزائهم أن عليهم لعنة الله ـ إلى قوله ـ : ولا هم ينظرون ، قد مر الكلام في معنى عود جميع اللعنة عليهم في تفسير قوله تعالى : « أُولَٰئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ » البقرة ـ ١٥٩ .
قوله
تعالى : إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا « الخ
» أي دخلوا في الصلاح ، والمراد به كون توبتهم نصوحاً تغسل عنهم درن الكفر وتطهر باطنهم بالإيمان ، واما