المؤمنين في أول ظهور الإسلام من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار ، والمراد بالإيمان هو الإيمان بدعوة الاجتماع على الاعتصام بحبل الله وعدم التفرق فيه في مقابل الكفر به على ما يدل عليه قوله قبل : أكفرتم بعد إيمانكم الآية ، وكذا المراد بإيمان أهل الكتاب ذلك أيضاً فيؤول المعنى إلى أنكم معاشر امة الاسلام كنتم في أول ما تكوّنتم وظهرتم للناس خير امة ظهرت لكونكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتعتصمون بحبل الله متفقين متحدين كنفس واحدة ، ولو كان أهل الكتاب على هذا الوصف أيضاً لكان خيراً لهم لكنهم اختلفوا منهم امة مؤمنون وأكثرهم فاسقون .
واعلم أن في الآيات موارد من الالتفات من الغيبة إلى الخطاب ومن خطاب الجمع إلى خطاب المفرد وبالعكس ، وفيها موارد من وضع الظاهر موضع الضمير كتكرر لفظ الجلالة في عدة مواضع ، والنكتة في الجميع ظاهرة للمتأمل .
( بحث روائي )
في المعاني وتفسير العياشي عن أبي بصير قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن قول الله عز وجل : اتقوا الله حق تقاته قال : يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر .
وفي الدر المنثور أخرج الحاكم وابن مردويه من وجه آخر عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اتقوا الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى .
وفيه أخرج الخطيب عن انس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يتقي الله عبد حق تقاته حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ، وما أخطأه لم يكن ليصيبه .
أقول : قد مر في البيان المتقدم كيفية استفادة معنى الحديثين الأولين من الآية ، وأما الحديث الثالث فإنما هو تفسير بلازم المعنى ، وهو ظاهر .
وفي تفسير البرهان عن ابن شهرآشوب عن تفسير
وكيع عن عبد خير قال : سألت علي بن أبي طالب عن قوله : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته قال : والله
ما عمل بها غير بيت رسول الله نحن ذكرناه فلا ننساه ، ونحن شكرناه فلن نكفره ، ونحن أطعناه فلم نعصه . فلما نزلت هذه الآية قال الصحابة لا نطيق ذلك فأنزل الله :
( ٣ ـ الميزان ـ ٢٥ )