وما بحكمه لا الترخيصي فيجري استصحاب الحكم الترخيصي حتى في الشبهات الحكمية.
ومدرك هذا التفصيل ليس هو قصور الأدلة المتقدمة فان أغلبها كانت تتضمن إطلاقا أو عموما شاملا للشبهتين معا وان فرض مورد الروايات المتقدمة جميعا الشبهة الموضوعية ، وانما مأخذ التفصيل ما ذكره المحقق النراقي ( قده ) من وقوع المعارضة دائما في الشبهات الحكمية بين استصحاب بقاء الحكم في الآن الثاني مع استصحاب عدم جعل الحكم فيه بنحو العدم الأزلي.
وهذا المقدار من البيان اعترض عليه الشيخ الأعظم ( قده ) بان الزمان الثاني ان كان مفردا للحكم فلا يجري استصحاب بقاء الحكم لعدم إحراز وحدة الموضوع وان لم يكن مفردا له بل مجرد ظرف للحكم غير معدد لموضوعه فلا معنى لاستصحاب عدمه لأنه بهذا اللحاظ يكون مسبوقا بالوجود.
من هنا حاول السيد الأستاذ توضيح مرامه بنحو فني سليم عن هذا الاعتراض ، وحاصل ما ذكره : ان الشك في الحكم الشرعي تارة : يكون راجعا إلى مقام الجعل ولو لم يكن المجعول فعليا لعدم تحقق موضوعه في الخارج كما إذا شك في بقاء أصل جعل وجوب القصاص مثلا وهذا هو المسمى باستصحاب عدم النسخ وهو خارج عن محل الكلام.
وأخرى : يكون راجعا إلى المجعول والشك فيه مرجعه إلى أحد امرين لا ثالث لهما لأن الشك في بقاء المجعول اما ان يكون لأجل الشك في دائرة المجعول سعة وضيقا من قبل الشارع ، كما إذا شككنا في ان المجعول من قبل الشارع هل هو حرمة الوطء حين وجود الدم فقط أو إلى حين الاغتسال والشك في سعة المجعول وضيقه يستلزم الشك في الموضوع لا محالة فانا لا ندري ان الموضوع للحرمة هل هو وطئ واجد الدم أو المحدث بحدث الحيض ويعبر عن هذا الشك بالشبهة الحكمية ، واما ان يكون الشك لأجل الأمور الخارجية بعد العلم بحدود المجعول سعة وضيقا من قبل الشارع فيكون الشك في الانطباق كما إذا شككنا في انقطاع الدم بعد العلم بعدم حرمة الوطء بعد الانقطاع ولو قبل الاغتسال ، ويعبر عن هذا الشك بالشبهة الموضوعية وجريان الاستصحاب في الشبهات الموضوعية