وفي خاتمة البحث عن الأصل المثبت ينبغي التنبيه على أمور :
الأمر الأول ـ قد ينفد الأصل المثبت عن طريق إيقاع المعارضة بينه وبين استصحاب آخر يجري في الواسطة العقلية لنفي أثرها كما في استصحاب عدم نبات لحية زيد المشكوك حياته فانه حتى إذا فرض إمكان ترتيب أثر نبات لحيته باستصحاب حياته يدعي معارضته مع استصحاب عدم نبات لحيته النافي لذلك الأثر فيتساقطان.
واعترض على ذلك الشيخ الأعظم ( قده ) بأنه على القول بالأصل المثبت يكون استصحاب بقاء الحياة حاكما على استصحاب عدم نبات اللحية لكونها من الأصل السببي والمسببي والأصل السببي حاكم على الأصل المسببي.
وتستحصل من كلمات المحقق العراقي ( قده ) فروض ثلاثة في المقام يختلف الحكم باختلافها :
الأول ـ ان يبني على حجية مثبتات الاستصحاب سواء كانت في سلسلة معلولاته أو علله فكما ان استصحاب العلة يثبت المعلول كذلك استصحاب عدم المعلول يثبت عدم العلة وبناء على هذا يحصل توارد بين الاستصحابين لأن كل واحد منهما ينفي موضوع الاخر تعبدا.
الثاني ـ ان يبنى على حجية الاستصحاب المثبت بمعنى إثباته لجميع معلولاته ولوازمه دون الملزومات والعلل وعلى هذا الفرض يكون الأصل المثبت حاكما على
__________________
المولى وحينئذ يقال : بان الآثار الشرعية الطولية إذا لم تتوسط بينها وبين الأثر المباشر واسطة عقلية تعتبر جميعا مواقف عملية مستتبعة للمتيقن اما باعتبار عرفية النكتة التي أشير إليها في كلام المحقق النائيني ( قده ) من ان أثر الأثر إذا كان من سنخ واحد يعتبر عرفا أثرا لنفس الشيء ، أو باعتبار عدم احتمال الفرق عرفا فيما بينها لكونها جميعا مواقف عملية تجاه الشارع مستتبعة لنفس الموضوع المستصحب وهذا بخلاف الأثر المترتب على الواسطة العقلية. وان شئت قلت : إذا كان تنجز الأثر الشرعي الطولي والوظيفة العملية تجاهه مترتبا على تنجز الأثر الشرعي المتقدم والوظيفة العملية تجاهها فيترتب عليها وهذا بخلاف ما إذا كان الأثر مترتبا على واسطة عقلية. وان أبيت عن قبول ذلك أمكننا ان ندعي الملازمة العرفية بين تنجز الأثر الشرعي الأول وتنجيز الأثر الشرعي الثاني المترتب عليه بحيث يكون دليل التعبد الاستصحابي دالا بالمطابقة على الأول وبالالتزام على الثاني ، وهذا من لوازم الأمارة لأنه ملازمة بين الحكمين الظاهريين بخلاف ما إذا كان الأثر الطولي مترتبا على واسطة عقلية فانه لا ملازمة بين التعبد الظاهري بالأثر الشرعي المباشر والتعبد به لعدم كونه مترتبا عليه.
لا يقال ـ قد لا يكون الأثر الشرعي المباشر منجزا ولو لخروجه عن محل الابتلاء فكيف نثبت الأثر غير المباشر حينئذ؟
فانه يقال : تكفي منجزيته لو كان للمستصحب أثر مباشر أي تكفي المنجزية التعليقية في الملازمة والاستتباع.