وأياً ما كان فقد عرفت بطلان التقريب الثاني سواء جعل ملاكه خفاء الواسطة أم جلائها ، كما ان التقريب الأول إذا تمت صغراه فلا إشكال في كبراه ، الا ان الشأن في ان مجرد جلاء الواسطة يكفي سببا لذلك بحيث تتم ملازمة تصديقية عرفية بين التعبد بأحدهما والتعبد بالآخر.
الأمر الرابع ـ أفاد المحقق الخراسانيّ ( قده ) بان الأثر الشرعي لو كان مترتبا على عنوان كلي وشك في فرد منه فيمكن ترتيبه باستصحاب الفرد إذا كان كليا ذاتيا كالإنسان أو عرضا بنحو الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة ، ويقصد بالخارج المحمول العناوين التي ليس بإزاء مبادئها شيء في الخارج بل انتزاعية كالفوق والزوج والملك ونحوها ، ويقصد بالمحمول بالضميمة ما تكون مبادئها خارجية كالأسود والأبيض فان البياض والسواد لهما وجود خارجي زائداً على الذات ، فذكر في القسم الأول وهو الكليات الذاتيّة أن استصحاب حياة زيد مثلا يترتب عليه آثار الإنسان لأن الواسطة في المقام وهي عنوان الإنسان نفس الفرد في الخارج لا شيء آخر ملازم معه.
وهذا الكلام يمكن تعميمه إلى القسمين الآخرين إذا كما يكون مفهوم الإنسان بالنسبة إلى ما يصدق عليه ذاتيا كذلك عنوان الفوق أو الأسود بالنسبة إلى ما يصدق عليه من حيث انه يصدق عليه ذاتي وليس امراً زائداً عليه.
وأياً ما كان فقد اعترض السيد الأستاذ على صاحب الكفاية بان جريان استصحاب حياة زيد مثلا لترتيب الأثر الشرعي المترتب على الكلي ليس استثناءً من الأصل المثبت بل هو خارج عنه موضوعاً ، لأن العنوان الكلي إذا لو حظ بنحو المعنى الاسمي فهو مباين مع الفرد فيأتي فيه شبهة المثبتية واما إذا لو حظ بما هو فانٍ في الخارج فهو عين الافراد فتثبت تلك الأحكام لا محالة باستصحاب الفرد.
والتحقيق : ان أصل هذه المنهجة لا يخلو من تشويش ، فانه ينبغي تحديد مصب الاستصحاب ومركزه ليرى هل ان هذا الاستصحاب من استصحاب الفرد أصلا أم لا؟ فنقول ، تارة : يراد بالفرد واقع الوجود العيني الّذي لا يمكن إدراكه ولا يمكن مجيئه إلى الذهن ، وأخرى : يراد به المفهوم الجزئي كمفهوم زيد مثلا.
فان أريد الأول كان من الواضح ان الاستصحاب لا يجري فيه لأنَّ موضوعه