لصاحب العروة التفصيل بين ما لو قال المولى ( العنب المغلي يحرم ) أو قال ( العنب إذا على يحرم ) مدعياً ان القيد إذا كان راجعاً إلى الموضوع كما في الأول لم يجر الاستصحاب ، وإذا كان راجعاً إلى الحكم كما في الثاني جرى ، لأنه في الأول لا يحصل اليقين بالحكم لعدم تحقق موضوعه بخلاف الثاني ، ولا يقال انَّ الشيء الثابت انما هو الجعل ولم يتحقق للحكم ثبوت في مرحلة الوجود الخارجي بلون من الألوان ، فانَّ هذا تفكيك بين الجعل والمجعول وهو مستحيل ، بل أوضح استحالة من التفكيك بين العلة والمعلول ، لأنَّ الجعل عين المجعول حقيقة ، وأردف ذلك بأنَّ المحقق النائيني ( قده ) قال بعدم جريان الاستصحاب التعليقي رأساً من باب انَّ القيد دائماً يرجع إلى الموضوع وإن كان بحسب الظاهر قيداً للحكم فالقضية الشرطية مرجعها إلى الحملية والشرط يرجع إلى الموضوع حيث برهن على انَّ انفكاك الحكم عن الموضوع وتأخره عنه محال. ثم اعترض عليه : بأنه لو كان المراد إرجاع القضية الشرطية ـ قيد الحكم ـ إلى الحملية ـ قيد الموضوع ـ بحسب مرحلة الإثبات ومعنى القضية فذلك خلاف الظاهر ، وإن كان المدعى انَّ مفاد القضية الشرطية مطابق لبّا لمفاد القضية الحملية فالمدار في جريان الاستصحاب على مفاد القضية الشرعية لا إلى ما تؤول إليها ومرجعها بحسب اللب ، ولهذا نجد جريان استصحاب الزمان إذا قال ( إن كان شهر رمضان فصم ) وعدم جريانه إذا قال ( صم في شهر رمضان ) لأنه لا يثبت كون الصوم في شهر رمضان بنحو مفاد كان الناقصة في حين انَّ مفاد القضيتين لبّا واحد (١).
وفيه : أولا ـ انَّ ما بنى عليه من انَّ الجعل عين المجعول ويستحيل التفكيك بينهما يقتضي عدم التفصيل في جريان الاستصحاب بين كون القضية مجعولة بنحو القضية الحملية أو الشرطية أي كون القيد من قيود الموضوع أو الحكم ـ كما ذهب إلى ذلك أصحاب هذا المبنى كالمحقق الخراسانيّ والعراقي ( قدهما ) ـ لأنَّ الجعل والمجعول ثابتين في كلا الموردين حيث يستحيل الانفكاك بينهما فالجمع بين المبنى الأصولي المذكور والتفصيل الّذي ذهب إليه صاحب العروة في الفقه غير سديد.
وثانياً ـ لو سلم ما نسبه إلى الميرزا من وجود برهان على رجوع قيود الحكم إلى
__________________
(١) راجع المستمسك ، ج ١ ، ص ٤١٦ ـ ٤١٩