عملي من تنجيز أو تعذير ، وفي المقام لو أُريد باستصحاب السببية إثبات الحرمة فعلاً فهو غير ممكن لأنَّ الحرمة ليست من الآثار الشرعية للسببية بل من الآثار الشرعية لذات السبب الّذي رتب الشارع عليه الحرمة ، وان أُريد بذلك الاقتصار على التعبد بالسببية فهو لغو لأنها بعنوانها لا تصلح للمنجزية والمعذرية.
وقد حاول المحقق العراقي تصحيح استصحاب السببية بناء على بعض المسالك في الحكم الظاهري وهو مسلك جعل الحكم المماثل بأَن يقال انَّ المجعول عندئذ هو السببية الظاهرية المماثلة للواقع المشكوك ، وبما انَّ السببية يستحيل جعلها ابتداءً فيستكشف لا محالة جعل منشئها بالملازمة لنفس الحكم الظاهري لا للمؤدى ليكون من الأصل المثبت ، ومنشئها هو الحكم
الشرعي الظاهري بحرمة الزبيب إذا غلى فيكون منجزاً لا محالة.
ويلاحظ عليه : أولا ـ بعد أَن كان المدلول المطابقي لدليل الاستصحاب النهي عن النقض العملي ولهذا كان مختصاً بما يترتب عليه أثر عملي ، والسببية لا يترتب عليها أثر عملي فهذا لازمه عدم شمول إطلاق دليل الاستصحاب للسببية لا شموله لها واستكشاف مطلب آخر بالملازمة لتصحيح هذا الشمول لأنَّ الإطلاق بحسب الفرض مقيد بأَن يكون المورد ممّا يترتب عليه أثر عملي والمفروض ان السببية لا منجزية لها فلا ينعقد الإطلاق في هذا المورد.
وثانياً ـ انَّ ثبوت منشأ السببية ظاهراً لا يحقق سببية ظاهرية مماثلة للسببية الواقعية المحتملة بل سوف تتحقق سببية واقعية بين الغليان والحرمة الظاهرية ، وهذا مطلب آخر غير جعل الحكم المماثل الظاهري. اللهم إلاّ أَن يقال بكفاية المماثلة بين منشأ السببية الظاهري ومنشأ السببية الواقعي وان كانت السببيتان واقعيتين.
٢ ـ ما ذكرته مدرسة المحقق العراقي ( قده ) من أنَّ الاعتراض المذكور من قبل الميرزا ( قده ) على الاستصحاب التعليقي يقوم على أساس انَّ المجعول لا يكون فعلياً إلاّ بوجود تمام اجزاء الموضوع خارجاً قياساً لباب الأحكام والقضايا التكليفية بالقضايا الحقيقية والتي لها مرحلة الإنشاء والجعل ومرحلة الفعلية ، فانه حينئذ يتعذر استصحاب المجعول في المقام إذ لم يصبح فعلياً ليستصحب ، ولكن الصحيح انَّ المجعول ثابت بنفس ثبوت الجعل لأنه منوط بالوجود اللحاظي للموضوع لا بوجوده الخارجي ـ