راجعاً إلى الحكم بحسب ظاهر القضية أو إلى الموضوع من حيث انَّ الحكم بمعنى المجعول الفعلي لا تحقق له قبل تمامية موضوع الحكم وقيوده في الخارج لكي يمكن استصحابه ، فليس المقصود ما فهمه في المستمسك من كلامه ، كما انه ليس المقصود ما جاء في فوائد الأصول من انَّ مراده بذلك التحرز عن مبنى كون الأحكام مجعولة للأسباب الشرعية لا للمولى بنحو القضايا الحقيقية للموضوعات المقدرة فأشكل عليه في الحاشية بأنه لا فرق بين ما إذا قلنا بأنَّ الحكم مجعول للمولى بنحو القضية الحقيقية على الموضوعات المقدرة الوجود أو قلنا بأنه مجعول للأسباب الشرعية فانه على الثاني أيضا ليس للحكم وجود قبل وجود السبب حتى يستصحب (١).
فانه مضافاً إلى ما ذكرنا في وجه هذا التقييد الوارد في كلام الميرزا ( قده ) لو فرض انَّ ما جاء في التقرير هو مقصوده لم يرد عليه إشكال الحاشية إذ السببية سوف تكون شرعية فيصح استصحابها.
والصحيح في توضيح مقالة الميرزا ( قده ) أَن يقال : انَّ المراد من استصحاب الحكم التعليقي إن كان استصحاب الجعل فالمفروض انه لا شك في ارتفاع الجعل وبقائه لكي يراد استصحابه ، وان كان المراد استصحاب المجعول الفعلي فلا يقين بحدوثه لأنَّ الحكم الفعلي كالحرمة لا يثبت إلاّ بعد تحقق تمام قيود الحكم وفعليتها في الخارج والمفروض في المقام عدم تحقق بعضها في مورد الاستصحاب التعليقي ، وان كان المراد استصحاب الحرمة الثابتة على نهج القضية الشرطية فهذا امر منتزع عن جعل الحرمة على موضوعها المقدر الوجود ولا أثر للتعبد به وانما الأثر والتنجيز يترتب على منشأ انتزاعه وهو الحكم الشرعي من الجعل أو المجعول.
ثم انَّ هذه المقالة قد أثير في قبالها مجموعة شبهات لا بأس بالتعرض إلى أهمها :
١ ـ انّا نستصحب سببية الغليان للحرمة وهي حكم وضعي فعلي امرها بيد الشارع إثباتاً ونفياً كالشرطية والمانعية وهي معلومة حدوثاً مشكوكة بقاءً فتستصحب.
وفيه : انَّ الاستصحاب لا يكفي فيه أَن يكون المستصحب امراً شرعيا تحت سلطان الشارع ، بل لا يشترط ذلك على ما تقدم مراراً ، وانَّما يشترط أَن يكون منتهياً إلى أثر
__________________
(١) فوائد الأصول ، ج ٤ ، ص ١٧١