ويترتب على ذلك امران :
أحدهما ـ انَّ دليل الحكم لا يكون دليلاً على هذا الاستمرار لما تقدم من انه فوق الحكم وعارض عليه بل لا بد من دال آخر.
ثانيهما ـ انَّ الدال على الاستمرار حيث انه قد أخذ في موضوعه ثبوت أصل الحكم فلا يمكن التمسك به لإثبات الاستمرار والعموم إلاّ إذا ثبت أصل الحكم ، ونتيجة ذلك انه لو خصص الحكم في قطعة من الزمان فلا يمكن الرجوع إلى العموم في الزمن الباقي ، إذ لو أُريد الرجوع إلى دليل الحكم نفسه فقد عرفت انه لا يدل على الاستمرار ولو أُريد الرجوع إلى الدليل الدال على استمرار الحكم فالمفروض انه يثبت الاستمرار فيما إذا ثبت أصل الحكم لكونه مأخوذاً في موضوعه والدليل لا ثبت موضوعه. ثم تعرض لبيان ضابط كون العموم والاستمرار مأخوذاً في المتعلق وتحت الحكم أو في الحكم وفوقه (١).
واعترض السيد الأستاذ على هذا الكلام بأنه خلط بين مرحلتي الجعل والمجعول ، فانَّ الّذي لا يتكفله دليل الحكم استمرار الجعل وعدم نسخه وهو خارج عن محل الكلام ، واما إطلاق الحكم واستمراره بمعنى سعة المجعول فيتكفله دليل الحكم لأنه بهذا المعنى من قيود المجعول المدلول لدليل الحكم كسائر قيوده فلا مانع من إثباته بنفس الدليل (٢).
والمظنون انَّ مقصود المحقق النائيني ( قده ) ملاحظة الحكم بمعنى المجعول لا الجعل غاية الأمر يفترض انَّ الاستمرار والعموم الطارئ على الحكم انَّما يعرض عليه بنحو المعنى الاسمي وهذا لا يمكن استفادته من دليل الحكم نفسه.
والأولى أَن يقال في مناقشة هذا التفصيل :
أولا ـ انه هل يقصد من العموم والاستمرار الطارئ على الحكم الاستمرار بنحو المعنى الاسمي أو الاستمرار بنحو المعنى الحرفي ، فان كان المقصود الاستمرار بنحو المعنى الحرفي فهذا من شئون نفس الحكم كسائر حالاته وكيفياته فلا يحتاج إلى دال
__________________
(١) راجع أجود التقريرات ، ج ٢ ، ص ٤٤٠. فوائد الأصول ، ج ٤ ، ص ٢٠٢. مصباح الأصول ، ج ٣ ، ص ٢٢٠
(٢) مصباح الأصول ، ج ٣ ، ص ٢٢٢