وثالثاً ـ انَّ إطلاق الحكم واستمراره يستحيل أَن ينفك عن إطلاق متعلقه ، لأنه إذا ثبت الاستمرار وعموم الحكم ولو بقرينة الحكمة ودال آخر ثبت انَّ المولى كان في مقام البيان من ناحيته ولا يعقل عرفاً كون المولى في مقام البيان من ناحية الحكم مع كونه مهملاً من ناحية المتعلق فانَّ المتحصل من الحكم ومتعلقه شيء واحد ، فإذا فرض كونه في مقام البيان ثبت الإطلاق في المتعلق والّذي يصح التمسك به فيما بعد التخصيص بحسب الفرض ، نعم لو بني على انَّ الإطلاق في المتعلق كالتقييد في المقام فيه مئونة زائدة وانه أخف في قبال التقييد لا في قبال الإهمال فليبقى المتعلق مهملاً في المقام للاستغناء عنه بعموم الحكم ، إلاّ انَّ هذا المبنى غير صحيح لأنَّ التقابل بين الإطلاق والتقييد تقابل العدم والملكة عنده وتقابل السلب والإيجاب عندنا فإذا لم يكن تقييد في المتعلق ـ لعدم إمكانه مع عموم الحكم ـ تعين الإطلاق في المتعلق لا محالة (١).
وهكذا يتضح انه لا يبقى تفسير معقول للتفصيل في الرجوع إلى العموم الأزماني أو استصحاب حكم المخصص إذا فرض تمامية أركانه في نفسه ، نعم لو فرض عدم تمامية العموم ولا مقدمات الإطلاق في العموم الأزماني وصلت النوبة إلى الأصول العملية والتي منها الاستصحاب وليس في ذلك نكتة جديدة ، وقد تقدم البحث عن ذلك مفصلاً في بحوث التخصيص من مباحث الألفاظ.
كما انَّ ما أضافه المحقق الخراسانيّ ( قده ) في المقام من انَّ الزمان إن كان مأخوذاً في موضوع الحكم الخارج بالتخصيص بنحو التقييد فلا يجري الاستصحاب ، وان كان
__________________
(١) يمكن أَن يناقش في ذلك : أولا ـ بأنَّ مورد العموم والاستمرار الطارئ على الحكم هو الأحكام الوضعيّة ونحوها مما لا يكون للحكم متعلق وانما يكون له موضوع كالعقد مثلاً فيكون العموم والاستمرار في نفس ثبوت الحكم لموضوعه.
وثانياً ـ لو فرض إمكان الإطلاق والاستمرار بلحاظ عمود الزمان للمتعلق فهذا الإطلاق في المقام تابع لإطلاق الحكم واستمراره فانا إذا ميزنا بين عموم الحكم وعموم المتعلق فلو أريد استفادة الإطلاق في المتعلق من باب استحالة إطلاق الحكم وتقييد المتعلق ، فالجواب انَّ هذا الإطلاق تبعي يسقط بسقوط عموم الحكم بالتخصيص ، وان أُريد استفادة إطلاق المتعلق مستقلاً ومن باب انَّ تمامية ملاك العموم في الحكم ملازم عرفاً مع تمامية ملاكه في المتعلق فهو ممنوع لأنَّ أحد العمومين مباين مع الآخر ومختلف دلالة ومدلولاً فلا وجه لدعوى تمامية العموم في المتعلق.
وثالثاً ـ قد عرفت انَّ الدال على عموم الحكم ليس هو أدوات العموم أو مقدمات الإطلاق وانما الدلالة دلالة التزامية ولو عرفية بحيث يكون بابه باب دلالة المدلول على المدلول ، ومن الواضح انَّ تمامية ذلك في الحكم لا يستلزم تمامية ملاك العموم أو الإطلاق في المتعلق بوجه من الوجوه.