البراءة ـ ثم حكم بوجوب شيء أو حرمته أو أقام حجة عليه ، وهذا هو الورود بالمعنى الأخص ، وهذا أيضاً تارة يكون وروداً بحسب الطبع اللغوي العام بنحو تتضيق دائرة الدليل المورود بالوارد حقيقة كما في المثال المذكور ، وأخرى يكون بالادعاء السكاكي بأَن يجري المتكلم في كلامه على ادعاءات سكاكية مختصة به كما إذا قال أكرم العالم ثم قال الفاسق ليس بعالم ، وهذا النوع من الورود قد ادعتها مدرسة المحقق النائيني ( قده ) في باب الأمارات والأصول وان عبرت عنها بالحكومة إلاّ انه لا مشاحة في الاصطلاح وانما المهم انَّ نكتة التقدم هنا هو الورود ورفع الموضوع حقيقة ولكن في طول ادعاء سكاكي يجري عليه الشارع في مجال مداليل الألفاظ.
الملاك الثاني ـ القرينية وتعني كشف المراد من أحد الدليلين وتفسيره بالدليل الآخر ، فانَّ هذا يوجب تقدم المفسر والقرينة على المفسر لا محالة ، وكبرى هذه النكتة أعني كبرى التفسير والأخذ بالمفسر من القضايا التي تكون قياساتها معها ، وقد شرحنا ذلك في موضعه ، وانَّما البحث في صغرى القرينية والتفسير فانها على قسمين :
الأول ـ القرينية الشخصية وذلك بأَن يكون الكلام معداً من قبل المتكلم شخصه لتفسير كلامه الآخر وشرح المراد منه ، وهذا هو الحكومة ويكون بأحد الإشكال التالية :
١ ـ أَن يكون بلسان التفسير كما إذا قال أعني من ذلك الكلام هذا المعنى ، وكما في قوله تعالى بشأن المحكمات ( هنّ أم الكتاب ) أي انها المرجع في تفسير المتشابهات ، وهذه حكومة تفسيرية.
٢ ـ أَن يكون بلسان التنزيل بأَن يقول الطواف بالبيت صلاة أي انه منزل عندي منزلة الصلاة فيكون ناظراً إلى مفاد الدليل المحكوم من خلال التنزيل ، وهذه حكومة تنزيلية.
٣ ـ أَن يكون مضمون أحد الدليلين بحسب مناسبات الحكم والموضوع المكتنفة به ناظراً إلى مفاد الدليل الحاكم وبحكم الاستثناء والتحديد له وقد اصطلحنا عليه بالحكومة المضمونية كما في أدلة نفي العسر والجرح ولا ضرر بالنسبة لأدلة سائر الأحكام. وبهذا يعرف انَّ الدليل الحاكم مناف ومعارض حقيقة مع الدليل المحكوم بخلاف الورود ، فما عن السيد الأستاذ من انَّ الدليل الحاكم حيث انه ينظر إلى عقد