المعالجة الثالثة ـ ما افادته مدرسة المحقق النائيني ( قده ) من ان تطبيق الاستصحاب بملاحظة ما ثبت بالأخبار الخاصة من الاجزاء في المقام يثبت الركعة المفصولة لا الموصولة إذ المستفاد من هذه الصحيحة ومن الاخبار الخاصة انقلاب وظيفة المكلف عند الشك وعدم إتيانه بالركعة الرابعة إلى لزوم الإتيان بالركعة المفصولة ويكون موضوع وجوب الركعة المفصولة مركبا من جزءين كونه شاكا وهذا محرز بالوجدان وعدم إتيانه بالركعة الرابعة وهذا ما يحرزه الاستصحاب. وعدم ثبوت هذا الأثر قبل الشك لا يضر بجريانه لأن اللازم ان يكون للمستصحب أثر حين الاستصحاب لا قبله (١).
ويمكن ان تناقش هذه المعالجة من وجوه :
الأول ـ وهو مبني على مسالك هذه المدرسة في جعل الطريقية للاستصحاب وقيامه مقام القطع الموضوعي وحاصله : انه بناء على ذلك يستحيل جريان هذا الاستصحاب لأنه وان كان يحرز أحد جزئي الموضوع للركعة المفصولة وهو عدم الإتيان بالرابعة ظاهريا ولكنه ينفي الجزء الاخر وهو الشك ويبدله إلى العلم بعدم الإتيان لكون الاستصحاب علما تعبدا فينفي وجوب الركعة المفصولة ويثبت موضوع وجوب الركعة الموصولة وهو خلف. وان شئت قلت : انه يلزم من جريانه عدم جريانه وكل شيء يلزم من وجوده عدمه محال.
ويمكن الإجابة عن هذا الوجه : بان الاستصحاب وان استفيد من دليله حكومته على أدلة الأحكام الواقعية التي أخذ في موضوعها الشك وعدم العلم الا انه في خصوص هذا الأثر وهو وجوب الركعة المفصولة على الشاك الّذي لم يأت بالركعة الرابعة لا تتم هذه الحكومة لأن شرطها ان لا يلزم من إطلاق الحاكم سقوط الدليل المحكوم وعدم بقاء مورد له والا كان الدليل المحكوم أخص ومقدما على إطلاق الحاكم ومقامنا من هذا القبيل إذ يلزم من تقديم استصحاب عدم الإتيان بالركعة الرابعة ان لا يبقى مورد للحكم بوجوب الركعة المفصولة على الشاك في صلاته لأنه دائما مسبوق باليقين بالعدم (٢).
__________________
(١) راجع مصباح الأصول ، ج ٣ ، ص ٦٤
(٢) هذا الجواب تام بناء على الحكومة بمعنى التنزيل بحيث يكون للدليل الحاكم إطلاقان مستقلان أحدهما بلحاظ أثر المؤدى أي الواقع والآخر بلحاظ أثر العلم والشك فيكون الإطلاق الثاني بحسب الحقيقة هو الساقط بالدليل المحكوم مع بقاء الإطلاق.