التواتر في معجزات نبي الاسلام بطريق أولى. وقد أوضحنا فيما تقدم أن التواتر في معجزات الانبياء السابقين غير ثابت في الازمنة اللاحقة ، ودعواه دعوى باطلة.
الثاني : ان نبي الاسلام (ص) قد أثبت للانبياء السابقين معجزات كثيرة ، ثم ادعى أنه هو أفضل هؤلاء الانبياء جميعا ، وأنه خاتمهم. وهذا يقتضي صدور تلك المعجزات منه على نحو أتم ، فإنه لا يعقل أن يدعي أحد أنه أفضل من غيره ، وهو يعترف بنقصانه عن ذلك الغير في بعض صفات الكمال. وهل يعقل أن يدعي أحد أنه أعلم الاطباء جميعا ، وهو يعترف بأن بعض الاطباء الاخرين قادر على معالجة مرض هو غير قادر عليها؟! إن ضرورة العقل تمنع ذلك. ولهذه الجهة نرى أن جملة من المتنبين الكاذبين قد أنكروا الاعجاز ، وجحدوا كل معجزة للانبياء السابقين ، وصرفوا اهتمامهم إلى تأويل كل آية دلت على وقوع الاعجاز ، حذرا من أن يطالبهم الناس بأمثالها فيستبين عجزهم.
وقد كتب بعض الجهلاء ، والمموهين على البسطاء أن في آيات القرآن ما يدل على نفي كل معجزة للنبي الاعظم (ص) غير القرآن وأن القرآن هو معجزته الوحيدة ليس غير ، وهو حجته على نبوته. ونحن نذكر هذه الايات التي احتجوا بها ، ونذكر وجه احتجاجهم ، ثم نوضح فساد ذلك.
فمن هذه الايات قوله تعالى :
« وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا ١٧ : ٥٩ ».
ووجه دلالتها ـ على ما يزعمون ـ أنها ظاهرة في النبي (ص) لم يأت