بآية غير القرآن. وأن السبب في عدم الارسال بالايات هو أن الاولين من الامم السابقة قد كذبوا بالايات التي أرسلت إليهم.
الجواب :
إن المراد بالايات التي نفتها الاية الكريمة ، والتي كذب بها الاولون من الامم هي الايات التي اقترحتها الامم على أنبيائها ، فالاية الكريمة تدل على أن النبي (ص) لم يجب المشركين إلى ما اقترحوه عليه من الايات ، ولا تنفي عنه صدور المعجزة مطلقا ، ويدل على أن المراد هي الايات الاقتراحية أمور :
الاول : ان الايات جمع آية بمعنى العلامة ، وهو جمع معرف بالالف واللام. والوجوه المحتملة في معناه ثلاثة : فإما أن يراد منه جنس الاية الذي يصلح للانطباق على كل فرد من الايات ، ومعنى هذا أن الاية الكريمة تنفي وقوع كل آية تدل على صدق مدعي النبوة ، ولازم هذا أن يكون بعث الرسول لغوا ، إذا لا فائدة في إرساله إذا لم تكن معه بينة تقوم على صدقه ، وأن يكون تكليف الناس بتصديقه ، ولزوم اتباعه تكليفا بما لا يطاق. وأما أن يراد به جميع الايات ، وهذا التوهم أيضا فاسد ، لان إثبات صدق النبي يتوقف على آية ما من الايات ، ولا يتوقف على إرساله بجميع الايات. ولم يقترح المقترحون عليه أن يأتي بجميعها ، فلا معنى لحمل الاية عليه. فلا بد وأن يراد بهذه الاية الممنوعة خصوص آيات معهودة من الايات الالهية.
الثاني : أن تكذيب المكذبين لو صلح أن يكون مانعا عن الارسال بالايات ، لكان مانعا عن الارسال بالقرآن أيضا إذ لا وجه لتخصيص المنع بالايات الاخرى. وقد أوضحنا أن القرآن أعظم المعجزات التي جاء بها الانبياء ، وقد تحدى به النبي (ص) جميع الامم لاثبات نبوته ما دامت الليالي والايام. وهذا يدلنا أيضا على أن الايات الممنوعة قسم خاص وليست مطلق الايات.