بالايات المقترحة في هذه الامة ، لان تكذيب الايات المقترحة يوجب نزول العذاب على المكذبين.
وقد ضمن الله تعالى رفع العذاب الدنيوي عن هذه الامة إكراما لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتعظيما لشأنه. فقد قال الله تعالى :
« وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ٨ : ٣٣ ».
أما أن تكذيب الايات المقترحة يوجب نزول العذاب على المكذبين فلان الاية الالهية إذا كانت مبتدأة كانت متمحضة في إثبات نبوة النبي ، ولم يترتب على تكذيبها أكثر مما يترتب على تكذيب النبي من العقاب الاخروي.
وأما إذا كانت مقترحة كانت كاشفة عن لجاجة المقترح ، وشدة عناده ، إذ لو كان طالبا للحق لصدق بالاية الاولى لانها كافية في إثباته ، ولان معنى اقتراحه هذا أنه قد التزم على نفسه بتصديق النبي إذا أجابه إلى هذا الاقتراح ، فإذا كذب الاية المقترحة بعد صدورها كان مستهزئا بالنبي وبالحق الذي دعا إليه ، وبالاية التي طلبها منه ، ولذلك سمى الله تعالى هذا النوع من الايات آيات التخويف كما في آخر هذه الاية الكريمة ، وإلا فلا معنى لحصر مطلق الايات بالتخويف ، فإن منها ما يكون للرحمة بالعباد وهدايتهم وإنارة سبيلهم.
ومما يدلنا على أن المراد من الايات الممنوعة هي آيات التعذيب والتخويف : ملاحظة مورد هذه الاية الكريمة وسياقها. فإن الاية التي قبها هي قوله تعالى :
« وَإِن مَّن قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِك فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ١٧ : ٥٨ ».