وأن هذه الشبهة مبتنية على أن يراد من لفظي التأويل والتنزيل ما اصطلح عليه المتأخرون من إطلاق لفظ التنزيل على ما نزل قرآنا ، وإطلاق لفظ التأويل على بيان المراد من اللفظ ، حملا له على خلاف ظاهره ، إلا أن هذين الاطلاقين من الاصطلاحات المحدثة ، وليس لهما في اللغة عين ولا أثر ليحمل عليهما هذان اللفظان التنزيل والتأويل متى وراد في الروايات المأثورة عن أهل البيت عليهمالسلام.
وإنما التأويل في اللغة مصدر مزيد فيه ، وأصله الاول ـ بمعنى الرجوع. ومنه قولهم : أول الحكم إلى أهله أي رده إليهم. وقد يستعمل التأويل ويراد منه العاقبة ، وما يؤول إليه الامر. وعلى ذلك جرت الايات الكريمة :
(وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ ١٢ : ٦. نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ: ٣٦. هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ: ١٠٠. ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ١٨ : ٨٢).
وغير ذلك من موارد استعمال هذا اللفظ في القرآن الكريم ، وعلى ذلك فالمراد بتأويل القرآن ما يرجع إليه الكلام ، وما هو عاقبته ، سواء أكان ذلك ظاهرا يفهمه العارف باللغة العربية ، أم كان خفيا لا يعرفه إلا الراسخون في العلم.
وأما التنزيل فهو أيضا مصدر مزيد فيه ، وأصله النزول ، وقد يستعمل ويراد به ما نزل ، ومن هذا القبيل إطلاقه على القرآن في آيات كثيرة ، منها قوله تعالى :