وقضاء ، وأوجب عليهم الفدية ، فالاية المباركة حيث دلت على تعيين وجوب الصوم على المؤمنين في الايام المعدودات ، وعلى تعين وجوبه قضاء في أيام أخر على المريض والمسافر ، كانت ظاهرة في أن وجوب الفدية تعيينا إنما هو على غير هذين الصنفين اللذين تعين عليهما الصوم ، ومع هذا فكيف يدعى أن المستفاد من الاية هو الوجوب التخييري بين الصوم والفدية لمن تمكن من الصوم ، وإن أخبار أهل البيت (ع) مستفيضة بما ذكرناه في تفسير الاية (١).
ولفظ الطاقة وإن استعمل في معنى القدرة والسعة إلا أن معناه اللغوي هو القدرة مع المشقة العظيمة ، وإعمال غاية الجهد. ففي لسان العرب : الطوق الطاقة أي أقصى غايته ، وهو اسم لمقدار ما يمكنه أن يفعله بمشقة منه. ونقل عن ابن الاثير والراغب أيضا التصريح بذلك. ولو سلمنا أن معنى الطاقة هي السعة كان الفظ الاطاقة بمعنى إيجاد السعة في الشئ ، فلا بد من أن يكون الشئ في نفسه مضيقا لتكون سعته ناشئة من قبل الفاعل ، ولا يكون هذا إلا مع إعمال غاية الجهد. قال في تفسير المنار نقلا عن شيخه : فلا تقول العرب : أطاق الشئ إلا إذا كانت قدرته عليه في نهاية الضعف ، بحيث يتحمل به مشقة شديدة (٢).
فالاية الكريمة محكمة لا نسخ لها ، ومدلولها حكم مغاير لحكم من وجب عليه الصوم أداء وقضاء. وجميع ما قدمناه مبني على القراءة المعروفة. أما على قراءة ابن عباس ، وعائشة ، وعكرمة ، وابن المسيب حيث قرأوا يطوقونه بصيغة المبني للمجهول من باب التفعيل (٣) فالامر أوضح. نعم بناء على قول
__________________
١ ـ الوافي ج ٧ باب العاجز عن الصيام ص ٤٣.
٢ ـ الجزء الثاني ص ١٥٦.
٣ ـ أحكام القرآن للجصاص ص ١٧٧.