مستقل عن سابقه ، فجعله جملة مستأنفة ، وفسر كلمة نصيبهم بالنصر ، والنصح ، والرفادة ، والعون والعقل ، والمشورة ، وعلى ذلك : فالاية محكمة غير منسوخة ، وهذا القول منسوب إلى ابن عباس ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير (١) ، ومنهم من جعله معطوفا على ما قبله ، وفسر كلمة نصيبهم بما يستحقه الوارث من التركة.
ثم إن هؤلاء قد اختلفوا : فذهب بعضهم إلى أن المراد بعقد اليمين في الاية المباركة عقد المؤاخاة ، وما يشبهه من العقود التي كانت يتوارث بسببها في الجاهلية ، وقد أقر الاسلام ذلك إلى أن نزلت آية المواريث :
« وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللّهِ ٨ : ٧٥ ».
وعلى ذلك فالاية منسوخة (٢).
وذهب بعضهم إلى أن المراد بعقد اليمين خصوص عقد ضمان الجريرة وعلى ذلك فإن قلنا بما ذهب إليه أكثر علماء أهل السنة من أنه لا إرث بعقد ضمان الجريرة فكانت الاية منسوخة أيضا بآية المواريث (٣) ، وإن قلنا بما ذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه من ثبوت الارث بهذا العقد كانت الاية محكمة غير منسوخة.
وقد استدلوا على ذلك بأن آية المواريث لم تنف إرث غير اولي الارحام ، وإنما قدمهم على غيرهم ، فلا تنافي بين الايتين ، لتكون آية المواريث ناسخة لهذه الاية (٤).
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٠٧.
٢ ـ نفس المصدر ص ١٠٩.
٣ ـ تفسير ابن كثير ج ١ ص ٤٩٠.
٤ ـ أحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ١٨٥