فقد ذهب أكثر العلماء إلى أنها منسوخة (١) ولكن وقع الكلام في ناسخها فعن قتادة ومجاهد أنها منسوخة بتحريم الخمر. وحكي هذا القول عن الحسن أيضا (٢) ، وعن ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى :
« إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ٥ : ٦ ».
وكلا هذين القولين ظاهر الفساد :
أما القول الاول : فلان الاية الكريمة لا دلالة فيها على جواز شرب الخمر بوجه ، وإن فرض أن تحريم الخمر لم يكن في زمان نزول الاية ، فالاية لا تعرض لها لحكم الخمر رخصة أو تحريما. على أن هذا مجرد فرض لا وقوع له ، ففي رواية ابن عمر : نزلت في الخمر ثلاث آيات فأول شيء نزل :
« يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ٢ : ٢١٩ ».
فقيل : حرمت الخمر ، فقيل يا رسول الله دعنا ننتفع بها ، كما قال الله عز وجل ، فسكت عنهم ، ثم نزلت هذه الاية (٣) :
« لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى ٤ : ٤٣ ».
وروى نحو ذلك أبو هريرة (٤). وروى أبو ميسرة عن عمر بن الخطاب قال :
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٠٩.
٢ ـ أحكام القرآن للجصاص ج ٢ ص ٢٠١.
٣ ـ مسند الطيالسي ج ٨ ص ٢٦٤.
٤ ـ مسند أحمد ج ٢ ص ٣٥١.