٢٣ ـ « يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفًا مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ ٨ : ٦٥. الآنَ خَفَّفَ اللّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ: ٦٦ ».
فقد ذكروا أن حكم الاية الاولى قد نسخ بالاية الثانية ، وإن الواجب في أول الامر على المسلمين أن يقاتلوا الكفار ، ولو كانوا عشرة أضعافهم ثم خفف الله عن المسلمين فجعل وجوب القتال مشروطا بأن لا يزيد الكفار على ضعف عدد المسلمين.
والحق : أنه لا نسخ في حكم الاية ، فإن القول بالنسخ يتوقف على إثبات الفصل بين الايتين نزولا ، وإثبات أن الاية الثانية نزلت بعد مجئ زمان العمل بالاية الاولى ، وذلك لئلا يلزم النسخ قبل حضور وقت الحاجة ومعنى ذلك : أن يكون التشريع الاول لغوا ، ولا يستطيع القائل بالنسخ إثبات ذلك إلا أن يتمسك بخبر الواحد ، وقد أوضحنا أن النسخ لا يثبت به إجماعا (١) ، أضف إلى ذلك أن سياق الايتين أصدق شاهد على أنهما نزلتا مرة واحدة.
ونتيجة ذلك : أن حكم مقاتلة العشرين للمائتين استحبابي ، ومع ذلك كيف يمكن دعوى النسخ ، على أن لازم كلام القائل بالنسخ : ان المجاهدين في
__________________
١ ـ تقدم ذلك في ص ٢٨٥ من هذا الكتاب.