بدء أمر الاسلام كانوا أربط جأشا ، وأشد شكيمة من المجاهدين بعد ظهور الاسلام ، وقوته وكثرة أنصاره ، وكيف يمكن القول بأن الضعف طرا على المؤمنين بعد قوتهم!!
والظاهر أن مدلول الايتين هو تحريض المؤمنين على القتال ، وان الله يعدهم بالنصر على أعدائهم ، ولو كانت الاعداء عشرة أضعاف المسلمين ، إلا أنه تعالى لعلمه بضعف قلوب غالب المؤمنين ، وعدم تحملهم هذه المقاومة الشديدة لم يوجب ذلك عليهم ، ورخص لهم بترك المقاومة إذا زاد العدو على ضعفهم ، تخفيفا عنهم ، ورأفة بهم ، مع وعده تعالى إياهم بالنصر إذا ثبتت أقدامهم في إعلاء كلمة الاسلام.
وقد جعل وجوب المقاومة مشروطا بأن لا يبلغ العدو أكثر من ضعف عدد المسلمين ، فإن الكفار لجهلهم بالدين ، وعدم ركونهم إلى الله تعالى في قتالهم لا يتحملون الشدائد ، وإن عقيدة الايمان في الرجل المؤمن تحدوه إلى الثبات أمام الاخطار ، وتدعوه إلى النهضة لاعزاز الاسلام ، لانه يعتقد بنجاحه على كل حال ، وربحه في تجارته على كل تقدير ، سواء أكان غالبا أم كان مغلوبا ، قال الله تعالى :
« وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ٤ : ١٠٤ ».
٢٤ ـ « إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٩ : ١٩ ».