فعن ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة : أنها منسوخة (١) بقوله تعالى :
« وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ٩ : ١٢٢ ».
وهذا القول مبني على أن النفر كان واجبا ابتداء على جميع المسلمين مع أن الاية المباركة ظاهرة في أن الوجوب إنما هو على الذين يستنفرون إلى الجهاد ، فقد قال تعالى :
« أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ ٩ : ٣٨. إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ : ٣٩ ».
وحاصل الاية أن من أمر بالنفير إلى الجهاد ولم يخرج استحق العذاب بتركه الواجب ، ولا صلة لهذا بوجوب الجهاد على جميع المسلمين.
وبهذا البيان يتضح بطلان دعوى النسخ (٢) في قوله تعالى :
« انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ٩ : ٤١ ».
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٦٩ ، ونسبه القرطبي في تفسيره إلى الضحاك أيضا ج ٨ ص ١٤٢.
٢ ـ نسبها القرطبي في تفسيره إلى قائل ولم يسمه ج ٨ ص ١٥٠ ، ونسبها الطبرسي في مجمع البيان إلى السدي ج ٣ ص ٣٣.