على أنا قد أوضحنا للقارئ ـ مرارا ـ أن تخصيص العام ببعض أفراده ليس من النسخ ، بل إن قوله تعالى :
« وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً ٩ : ١٢٢ ».
بنفسه دليل على عدم النسخ ، فإنه دل على أن النفر لم يكن واجبا على جميع المسلمين من بداية الامر ، فكيف يكون ناسخا للآية المذكورة.
٢٥ ـ « عَفَا اللّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ ٩ : ٤٣. لاَ يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ : ٤٤. إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ: ٤٥ ».
فعن ابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وقتادة : أن هذه الآيات منسوخة (١) بقوله تعالى : « فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ ٢٤ : ٦٢ ».
والحق : أن الآيات الثلاث لا نسخ فيها ، لان صريحها أن المنع من الاستيذان وعتاب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم على اذنه إنما هو في مورد عدم تميز الصادق من الكاذب
__________________
١ ـ الناسخ والمنسوخ للنحاس ص ١٧٠.