« تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا ٣٢ : ١٦. وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ٧ : ٥٦. يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ١٧ : ٥٧ ».
٣ ـ أن يعبد الله بما أنه أهل لان يعبد ، فإن الكامل بالذات والجامع لصفات الجمال والجلال. وهذا القسم من العبادة لا يتحقق إلا ممن اندكت نفسيته فلم ير لذاته إنية إزاء خالقه ، ليقصد بها خيرا ، أو يحذر لها من عقوبة ، وإنما ينظر إلى صانعه وموجده ولا يتوجه إلا إليه ، وهذه مرتبة لا يسعنا التصديق ببلوغها لغير المعصومين (ع) الذين أخلصوا لله أنفسهم فهم المخلصون الذين لا يستطيع الشيطان أن يقترب من أحدهم :
« وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ١٥ : ٣٩. إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ: ٤٠ ».
قال أمير المؤمنين وسيد الموحدين صلوات الله عليه : ما عبدتك خوفا من نارك ، ولا طمعا في جنتك ، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك (١) ، وأما سائر العباد فتنحصر عبادتهم في أحد القسمين الاولين ، ولا يسعهم تحصيل هذه الغاية. وبذلك يظهر بطلان قول من أبطل العبادة إذا كانت ناشئة عن العطمع أو الخوف ، واعتبر في صحة العبادة أن تكون لله ما هو أهل للعبادة ووجه بطلان هذا القول : أن عامة البشر غير المعصومين لا يتمكنون من ذلك فكيف يمكن تكليفهم به! وهل هو إلا تكليف بما لا يطاق؟!
__________________
١ ـ مرآة العقول باب النية ج ٢ ص ١٠١.