عليه من نيسابور زائراً إذ دخلها متضرعاً ، وزار ، فوضع وجهه على قبره باكياً ، ورفع رأسه بصيراً ، وسمّي بالمعجزي ، وبقي بعد ذلك مدَّة مديدة ، وأقام بالمشهد الشريف بقيَّة عمره ، وقد تزوّج به ، ورزق أولاداً ، ولم توجعه عينه بعد ذلك ، ولم يُعرف إلَّا بالمعجزي ، وقد عرفه بذلك السلطان والرعيّة ، فيا لها من فضيلة قد فاق فضلها وراق خبرها .
وممّا يشاكل نفخه في الطين ، حتّى كان طيراً بإذن الله تعالى ما حدّث به :
١٨٣ / ١٢ ـ الربيع ـ حاجب (١) المنصور ـ قال : وجّه المنصور إلى سبعين رجلاً من أهل بابل ، فدعاهم ، فقال : ويحكم ، أنتم ورثتم السحر من آبائكم من أيّام موسى بن عمران ، وأنّكم لتفرقون بين المرء وزوجه ، وأنّ أبا عبد الله جعفر بن محمّد ساحر كاهن مثلكم ، فاعملوا شيئاً من السحر ، فإنّكم إن بهتموه أعطيتكم الجائزة العظيمة ، والمال الجزيل .
فقاموا إلى المجالس الذي فيه المنصور ، فصوروا سبعين صورة من صور السباع ، وجلس كلّ واحد منهم بجنب صاحبه ، وجلس المنصور على سرير ملكه ، ووضع التاج على رأسه ، ثمّ قال لحاجبه : ابعث إلى أبي عبد الله واحضره الساعة .
قال : فلمّا دخل عليه ، ونظر إليهم ، وإليه ، وما قد استعد له غضب وقال : «ويلكم ، أتعرفوني ؟! أنا حجّة الله الذي أبطل سحر آبائكم في أيّام موسى بن عمران» .
ثمّ نادى برفيع صوته : «أيّتها الصور المتمثلة ، ليأخذ كلّ واحد
___________________
١٢ ـ دلائل الإِمامة : ١٤٤ ، وعنه في مدينة المعاجز : ٣٦٢
(١) في ر ، ص ، ك : صاحب .