شروان المجوسيّ الأصفهانيّ ، كان بمنزلة عند خوارزمشاه (١) ، فأرسله رسولاً إلى حضرة السلطان سنجر بن ملكشاه (٢) ، وكان به برص فاحش ، وكان يهاب أن يدخل على السلطان لما قد عرف (٣) من نفور الطبائع (٤) منه ؛ فلمّا وصل إلى حضرة الرضا صلوات الله عليه بطوس ، قال له بعض الناس : لو دخلت قبته ، وزرته ، وتضرعت حول قبره ، وتشفعت به إلى الله سبحانه وتعالى ، لأجابك إليه ، وأزال عنك ذلك .
فقال : إنّي رجل ذمّي ، ولعل خدم المشهد يمنعوني من الدخول في حضرته فقيل له غير زيك ، وادخلها من حيث لا يطّلع على حالك أحد .
ففعل ، واستجار بقبره ، وتضرع بالدعاء ، وابتهل ، وجعله وسيلة إلى الله سبحانه وتعالى ، فلمّا خرج ، نظر إلى يده ، فلم ير فيها أثر البرص ، ثمّ نزع ثوبه ، وتفقّد بدنه ، فلم يجد به أثراً ، فغشي عليه ، وأسلم ، وحسن إسلامه ، وقد جعل للقبر شبه صندوق من الفضَّة ، وأنفق عليه مالاً ، وهذا مشهور شائع رآه خلق كثير من أهل خراسان .
وممّا شاهدناه أيضاً أنّ محمّد بن علي النيسابوري قد كفّ بصره منذ سبع عشرة سنة ، لا يبصر عيناً ولا أثراً ، فورد حضرته صلوات الله
___________________
(١) هو خوارزمشاه ، صاحب خوارزم ، تملّك مدة طويلة ، وكان مطيعاً للسلطان سنجر ، توفي في جمادى الآخرة سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، راجع «سير اعلام النبلاء ٢٠ : ٣٢٢ ، الوافي بالوفيات ٦ : ١٥٢ ، العبر ٤ : ١٤٢» .
(٢) وهو سنجر بن ملكشاه السلجوقي صاحب خراسان ، توفي سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة ، وزال بموته ملك بني سلجوق عن خراسان ، واستولى خوارزم شاه على أكثر مملكته . راجع «وفيات الأعيان ٢ : ٤٢٧ ، الوافي بالوفيات ١٥ : ٤٧١ ، البداية والنهاية ٢ : ٢٣٧ ، سير أعلام النبلاء ٢٠ : ٣٦٢» .
(٣) في ك : عرفت .
(٤) في م : الطباع .