للوصيّة ، الحاكم بالسويّة ، العادل في القضيّة ، بعل فاطمة المرضيّة ، ما فعلت (١) كذا وكذا .
فقلت لها : أيّتها الجارية ، ومن الذي تصفينه بهذه الصفة ؟
قالت : ذلك والله علم الأعلام ، وباب الأحكام ، رباني الأمّة ، ورئيس الأئمة : عليّ بن أبي طالب عليه السلام .
فقلت لها : وأنت تعرفينه ؟! قالت : وكيف لا أعرفه ؟! وقد قُتِل أبي وعمّي وابن عمي ـ وذكرت جماعة من عشيرتها ـ بين يديه ، ولقد دخل ذات يوم على والدتي ، فسلّم ، وقال : «يا أمّ الأيتام ، كيف أنت ؟» فقالت أمّي : يا أمير المؤمنين ، كيف حال من فقدت قيمها ، وهي ممتحنة بأولادها . وأخرجتني وبي جدري ، وقد ذهبت عيناي ، فلمّا نظر إليَّ توجع ، ومسح بيده على عيني ، فردهما الله عليَّ في الحال ، وإنّي لأنظر ببركته في الليلة الظلماء إلى الجمل الشارد .
قال عبد الواحد : فعمدت إلى نفقتي ، وحللت ديناراً ، فأعطيتها ، فرمت به إليَّ ، وقالت : أتحقّر محبّ عليّ بن أبي طالب عليه السلام ؟! ثمّ تولت وأنشأت تقول هذه الأبيات :
ما بث حبّ عليّ في جنان (٢) فتى |
|
إلّا وقد شهدت بالنعمة النعم |
ولا له قدم زلّ الزمان بها |
|
إلّا وقد ثبتت (٣) من بعدها قدم |
ما سرّني أن أكن من غير شيعته |
|
لو أنّ لي ما حوته العرب والعجم |
ثمّ قالت : نحن والله اليوم في عيال أكرم خلف عن أفضل سلف نحن في عيال أبي محمّد الحسن صلوات الله عليه .
وأعجب من جميع ما ذكرناه ما شاهدناه في زماننا ، وهو أنّ أنو
___________________
(١) في ص ، ع ، وهامش ك : ما كان .
(٢) الجنان : القلب . «لسان العرب ـ جنن ـ ١٣ : ٩٣» .
(٣) كان في الأصل : أثبتت ، وما أثبتناه هو الصواب .