معهم فتستعملني . فقال : أنت من أهل الكوفة ؟ قلت : نعم . قال : اذهب .
فانطلقت معه إلى دار كبيرة تبنى جديدة ، فعملت فيها أيّاماً ، وكنا لا نعطى من أسبوع إلى أسبوع ، إلَّا يوماً واحداً ، وكان العَمَلَة لا يعملون ، فقلت للموكّل : استعملني عليهم حتّى استعملهم وأعمل معهم . قال : قد استعملتك . فكنت أعمل معهم واستعملهم .
قال : فإنّي لواقف ذات يوم على السلم إذ نظرت إلى أبي الحسن موسى بن جعفر صلوات الله عليه قد أقبل وأنا في سلَّم الدار ، فدار فيها ، ثمّ رفع رأسه إليَّ ، فقال : «بكار جئتنا ! انزل» فنزلت .
قال : فتنحّى ناحية فقال : «ما تصنع ها هنا ؟» قلت : جعلت فداك ، اُصبت بنفقتي بجمع ، فأقمت في مكة إلى أن صدر الناس ، ثمّ إنّي صرت إلى المدينة ، فأتيت المصلّى ، فقلت أطلب عملاً ، فبينا أنا قائم (١) إذ جاء وكيلك ، فذهب برجاله ، فسألته أن يستعملني كما يستعملهم . فقال : «أقم يومك هذا» .
فلمّا كان من الغد ، وكان اليوم الذي يعطون فيه ، جاء فقعد على الباب ، فجعل الوكيل يدعو برجل رجل ويعطيه ، وكلّما ذهبت لأدنو قال لي بيده كذا ، حتّى إذا كان في آخرهم قال لي : «أدن منّي» (٢) فدنوت ، فدفع إليّ صرّة فيها خمسة عشر ديناراً ، قال : «خذ ، هذه نفقتك إلى الكوفة» . ثمّ قال : «اخرج غداً» فقلت : نعم ، جعلت فداك . ولم أستطع أن أردَّه ، ثمّ ذهب وعاد إليَّ الرسول ، فقال : قال أبو الحسن عليه السلام : «ائتني غداً قبل أن تذهب» .
فلمّا كان من الغد أتيته ، فقال : «اخرج الساعة حتّى تصير إلى
___________________
(١) في ر ، ك : واقف .
(٢) في ع : فلما دنوت .