فيد (١) ، فإنّك توافق قوماً يخرجون إلى الكوفة ، وهاك هذا الكتاب فادفعه إلى عليّ بن أبي حمزة» .
قال : فانطلقت ، فلا والله ، ما تلقّاني خلق حتّى صرت إلى فيد ، فإذا قوم قد تهيّأوا للخروج إلى الكوفة من الغد ، فاشتريت بعيراً ، وصحبتهم إلى الكوفة ، فدخلتها ليلاً ، فقلت : أصير إلى منزلي فأرقد ليلتي هذه ، ثمّ أغدو بكتاب مولاي إلى عليّ بن أبي حمزة ، فأتيت منزلي فأخبرت أنّ اللصوص دخلوا حانوتي قبل قدومي بأيّام .
فلمّا أن أصبحت صلّيت الفجر ، فبينا أنا جالس متفكّر فيما ذهب لي من حانوتي إذا أنا بقارع يقرع الباب ، فخرجت ، فإذا عليّ بن أبي حمزة ، فعانقته وسلّم عليَّ ، ثمّ قال لي : يا بكّار ، هات كتاب سيّدي . قلت : نعم ، وقد كنت على المجيء إليك الساعة .
قال : هات ، قد علمت أنّك قدمت ممسياً (٢) . فأخرجت الكتاب ، فدفعته إليه ، فأخذه وقبّله ، ووضعه على عينيه ، وبكى ، فقلت : ما يبكيك ؟ قال : شوقاً إلى سيّدي ، ففك الكتاب وقرأه ، ثمّ رفع رأسه إليَّ ، وقال : يا بكّار ، دخل عليك اللصوص ؟ قلت نعم .
قال : أخذوا ما كان في حانوتك قلت : نعم .
قال : إنّ الله تعالى قد أخلف عليك ما ذهب منك ، وأعطاني أربعين ديناراً فقوّمت ما ذهب منّي ، فإذا قيمته أربعون ديناراً ، ففتح الكتاب فإذا فيه بأن ادفع إلى بكّار أربعين ديناراً قيمة ما ذهب من حانوته ، والمنة لله .
___________________
(١) فيد : بليدة في نصف طريق مكّة إلى الكوفة . «معجم البلدان ٤ : ٢٨٢» .
(٢) في م : ليلاً .