بزوجي ؟! وجعلت ألطم على وجهي ، فدخل عليه والدي فما زال (١) يضربه بالسيف حتّى قطّعه ، ثمّ إنَّه خرج ، وخرجت خلفه هاربة ، ولم أرقد ليلي .
فلمّا أصبحت أتيت أبي فقلت له : أتدري ما صنعت البارحة ؟! قال : وما صنعت ؟! قلت له : قتلت ابن الرضا ! فبرق عينه (٢) وغشي عليه ، ثمّ أفاق بعد حين ، فقال : ويلك ما تقولين ؟! قلت : نعم ، والله ، دخلت عليه ولم تزل تضربه بالسيف حتّى قتلته فاضطرب من ذلك اضطراباً شديداً ، ثمّ قال : عليَّ بياسر الخادم . فلمّا أتي به قال : ما هذا الذي تقول هذه المرأة ؟! قال : صدقت يا أمير المؤمنين . فضرب بيده على صدره وخدِّه ، وقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، هلكنا ، وعطبنا (٣) وافتضحنا إلى آخر الأبد ، اذهب ويلك وانظر ما القصة (٤) وعجّل إليَّ بالخبر ، فإنّ نفسي تكاد أن تخرج الساعة .
فخرج ياسر وأنا ألطم خدّي ووجهي ، فما لبث ياسر أن عاد إليه فقال : البشرى يا أمير المؤمنين ! فقال : ولك البشرىٰ ، ما عندك ؟! قال : دخلت عليه ، فإذا هو جالس ، وعليه قميص ، وهو يستاك ، فسلّمت عليه ، وقلت : يا ابن رسول الله أحبّ أن تهب لي قميصك هذا أصلّي فيه وأتبرّك به . وإنّما أردت أن أنظر إلى جسده ، هل به أثر جراحة وأثر السيف ؟ فقال : «بل أهب لك ما هو خير من هذا» . فقلت : لست أريد غير هذا القميص . فخلعه ، ونظرت إلى جسده وكأنّه العاج (٥) ما به أثر ، فبكى المأمون بكاءً شديداً ، وقال : ما بقي بعد هذا شيء ، إنّ في
___________________
(١) في ع : فلم يزال .
(٢) في هامش ص : فزهق عقله .
(٣) في م : وعصينا .
(٤) في ص وهامش ك : القضية .
(٥) في هامش ص زيادة : الأبيض .