وأكرم جرثومة ، وأفضل قبيلة ، ومعدن فضيلة) (١) ، تناسخته كرائم الأصلاب إلى شرائف الأرحام ، لم تدنّسه الجاهلية بأنجاسها ، ولم تلحقه الضلالة بعنادها ، ولم يكنفه إلّا من ذكا شهابه ، وزكا نصابه ، وطاب مولده ، وكرم محتده ، فأظهره من بيت العرب ، ومعدن الحسب ، من هاشم وعبد المطلب ، (فربّاه بالعلم ، وغذّاه بالحلم) (٢) وعلّمه البيان ، وأنزل عليه القرآن .
بعثه (٣) ومعالم الدين دارسة ، ومناهج الحقّ طامسة ، والناس حيارى في سكرة ، سكارى في حيرة ، فدعا إلى الحقّ ، وهدى إلى الصدق ، ونصح الخلق ، وأمر بالقصد (٤) ، وبعث على الرشد ، واحتمل العناء (٥) ، ويظلّ نهاره مجاهداً ، ويبيت ليله مكابداً ، حتّى أقام عمود الدين ، وثبّت (٦) قواعد اليقين ، ونفر الشرك هارباً ، ونكب الشكّ خائباً ، ورست (٧) دعائم الإِيمان ، ورسخت قواعد (٨) الإِحسان ، وأظهر (٩) الإِسلام ، ونفّذ الأحكام ، وخلص الدين لله (١٠) ولو كره المشركون
ثمّ إنّه لمّا دنا أجله وانقضى نحبه وآثر جوار ربّه ، نظر لأُمته نظر الوالد لولده ، وركّز فيهم راية الحقّ ، ونصب لهم لواء الصدق ، وخلّف
___________________
(١) ليس في ك .
(٢) في ر ، ص ، ك : وزيّنه بالعلم والحلم .
(٣) في ش ، م ، ع : ابتعثه .
(٤) في ر ، ك ، ص ، ع : بالصدق ؛ والقصد : هداية الطريق الموصل إلى الحقّ . «مجمع البحرين ـ قصد ١٣٧» .
(٥) في ش ، ع ، م زيادة : وترك الفناء ، وتوسّد البأساء .
(٦) في ر ، ك : وأثبت .
(٧) في ص ، ع : وغرس .
(٨) في ر ، ع : قوائم .
(٩) في ر ، ك : فظهر .
(١٠) «وخلص الدين لله» ليس في ك ، ر .